بعد أحداث 11 سبتمبر «بماذا يفكر العرب؟» زغبي يقدم استطلاعاً حول تفهّم أميركي أفضل للعرب
|
* الثقافية علي سعد القحطاني:
جاءت فكرة اعداد هذه الدراسة كما يقول مؤلف الكتاب الدكتور جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأمريكي في المقدمة في أثناء حوار مع مفكر عربي بارز، فقد كُنّا نناقش الفجوة العميقة في التفاهم بين الولايات المتحدة والعالم العربي التي اتضحت بشدة إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م إذ تنبّهنا للجهود الامريكية المبذولة لتضييق الهوّة بحملة دبلوماسية لمساعدة العرب على تفهّم الواقع والشعب الامريكيين.
نبّه صديقي الى أننا «نحن أيضا من واجبنا مساعدة الولايات المتحدة بحملتنا الخاصة بهدف تفهّم أمريكي أفضل للعرب»، ثم تأمل صديقي وأضاف: لكن هناك مشكلة.. هل نعرف أنفسنا فعلاً؟ هل باستطاعتنا اعطاء الجواب عن هذا السؤال؟ وإذا حاولنا القيام بحملة كهذه، فاجابات مَنْ منا سنقدم لوصف الوضع؟»
هذه الأسئلة في الواقع صعبة وحساسة كأسئلة وكاجابات! فإجابات بعضهم تشكل جزءا من الايمان أو الايديولوجية السياسية، فلا يوجد لديهم أدنى شك أو تردد في أن اجاباتهم هي الاجابات الصحيحة.
وعلى العموم، لا يقدم أي مجتمع اجابات موحدة عن أسئلة محورية تتعلق بالمعتقدات او القيم او الهوية، لأن لكل فرد في المجتمع اجابات وقيما وأولويات خاصة به، فنحن لا نرى الحياة بمنظار واحد، ولا نقوّم ذواتنا بأسلوب واحد، كل منا نتاج فريد لمجموعة عوامل وقوى، فهناك مثلا العامل التاريخي المحدد الذي أثّر في بلادنا، أو وضعنا الاجتماعي، أو مستوانا التعليمي والاقتصادي، وعوامل أخرى مثل: العمر والجنس والحالة الاجتماعية، كل هذه العوامل مجتمعة تؤثر في التعريف الذاتي، وفي المثل والمعتقدات.
وحتى لو توحّدت المؤثرات فلن تكون هناك اجابات موحدة لكل الرجال العرب، أو حتى لكل الرجال السعوديين أو اللبنانيين، أو لكل الخريجين السعوديين أو اللبنانيين، وهكذا إذن يمكن التساؤل، كيف سنحاول العثور على اجابات عن الاسئلة الآتية: مَنْ نحن؟ بماذا نعتز؟ ببساطة سأجيب: ان علينا سؤال الناس وأخذ اجاباتهم بجدية، ثم نسجلها وننظمها ونحللها، ستكون هناك اجابات كثيرة، ولن يعني ذلك استحالة التوصل الى الاستنتاج الذي يعطينا الاجابة حول نظرة العرب الى هويتهم أو قيمهم، ومعتقداتهم، ومواقفهم.
إن الاستطلاعات تفتح نافذة ترحب بالآراء، ثم تطرحها للحوار، وغالباً ما تؤدي نتائج الاستطلاع الى طرح أسئلة اضافية تحتاج إلى التأمل العميق والتحليل، فدراستنا هذه مثلا تسأل: ما القضايا السياسية الأهم؟ ثم تعرض النتائج مع توضيح للتشابه والاختلاف في الاولويات السياسية للعرب في ثماني دول، ثم نفحص الاختلاف في أولويات الرؤى السياسية بين الكبار والشباب وبين الذكور والاناث، وبين ذوي التعليم الثانوي والتعليم الجامعي في الدول الثماني.
تلك الاجابات يمكننا تقديمها، لكن ما لم يتطرق اليه الاستطلاع، ومن ثمَّ لا يمكن تقديم اجابات عنه، هو سبب وجود اختلاف حول الاولويات بين فئات عربية في دول مختلفة، فالاجابة هنا تحتاج الى دراسة أخرى، للاطّلاع على خلفية الاجابات التي أعطيت في الدراسة الاولى.
باختصار: سألنا في هذه الدراسة ثلاثة آلاف وثمانمائة راشد عربي من ثماني دول (مصر، فلسطين، الأردن، لبنان، الكويت، المغرب، الامارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية)، سألناهم اثنين وتسعين سؤالا تتناول بشكل عام الموضوعات الآتية: قيمهم واهتماماتهم السياسية، ومشاعرهم وتطلعاتهم، وتعريفهم لانفسهم، ورؤيتهم للعالم، وحصلنا من كل مشارك على معلومات ديموغرافية كافية تؤهلنا للمقارنة بين الاجابات، حسب البلد والعمر والجنس ومستوى التعليم وامكانية استعمال الانترنت. لقد أعطتنا المعلومات الديموغرافية المتوافرة عن المشتركين القدرة على مقارنة قوائم النتائج بعضها مع بعض، وتحليلها حسب العمر والجنس والتعليم وامكانية الوصول الى الانترنت، واستعراض المعلومات بهذا الاسلوب يؤهلنا بالفعل لالقاء نظرة عن قرب على المواقف والاهتمامات التي تؤثر في تكوين المجتمعات العربية الناشئة، وذلك لا يختلف كثيراً عن النظر الى نسيج سجادة عبر المنظار، إذ تتضح العُقد والنسيج الداخلي الذي يعطي الشكل النهائي، وهكذا فالكثير من الفصول التي تشكّل هذه الدراسة فيها قسم بعنوان: إلقاء نظرة مقربة حسب العمر، والجنس، والتعليم، والوصول الى الانترنت.
نتائج دراستنا والملاحظات المعروضة قد يوافقك بعضها، وقد تتساءل حول بعضها الآخر، نأمل ان تكون هذه الدراسة الاولى من نوعها للقيم والمعتقدات العربية قاعدة أساسية يمكن العودة إليها في دراسات مستقبلية كخلفية للمقارنة، وفي كل الاحوال أمامنا الآن بعض الاجابات عن أسئلة لم تُطرح في السابق.
والدكتور جيمي زغبي هو مؤسس المعهد العربي الامريكي ورئيسه في العاصمة واشنطن، وهو معهد يؤدي مهام سياسية، ويُعد ذراع الجالية العربية الامريكية في البحوث السياسية.
وقد انخرط الدكتور زغبي خلال العقود الثلاثة الماضية في عدد من قضايا العرب في الولايات المتحدة الامريكية، وعمل في المجال الاكاديمي حول شؤون الشرق الاوسط والعلاقات العربية الامريكية، وفي تاريخ الجالية العربية في الولايات المتحدة أيضا.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|