|
(الديوان ص 30) |
|
رحلة الشاعر .. مكابدة بائنة.. |
يصوغ الشاعر عبدالله الزيد لحنه الشعري على أنغام نشيد الحياة.. ذلك الذي لا يبعث إلا الشجن المترامي في كل انحاء النفس البشرية. |
قصائد الديوان هي توصيف لرحلة الشاعر.. تلك التي تختلط دائماً مع هيئة سرد ممكنة لتجد لكل قصيدة بعدا واضحا في حكاية ما يسردها "الزيد" شعراً خالصاً لكن الحكاية تأخذ بعدها الايحائي كما في قصيدة "ايقاع المرحلة" حيث تحمل خطاباً افصاحياً تدرك فيه حالة هؤلاء الذين "يتلوون من لظى الحزن والصمت" حتى تأخذ قصتهم هيئة العتب المر لكل من يستشعرون به بقايا الوفاء لحالة النفس التي ترتفع وتسمو كلما أوغل الأذى في معاندتها. |
للشاعر الزيد فطرية متناهية في سبر أغوار الذات التي تنزع دائماً إلى أهدافها النبيلة حتى كأنك ترى هؤلاء الذين عناهم "الشاعر" وهم يصافحونك بكل بهاء وكبرياء لتطبع على جباههم قبلة المودة التي يسافر إليها الزيد دائماً.. ولا يكل النزوع نحوها كلما داهمته الهواجس واضناه الألم العصري. |
رحيق الذهول.. بوابة الديوان.. |
في القصيدة التي حملت اسم الديوان عنواناً سخياً تم توشيته بمفردات تذهب إلى بناء العلاقة القوية بين الإنسان ومن حوله "مشرع برحيق الذهول.. يهطل الوجد بالمستحيل"، فالقصيدة بناء روحي هائل يصوغ فيه الشاعر الزيد خطابه الإنساني نحو من يحب: |
"أيهذا الجميل |
الجميل |
الجميل.. مورق ريق من دمي.." |
فهو ينادي ويصطفي حالة الإنسان حينما تتزاحم أرواح الحياة المعاندة .. تلك التي لا تثير إلا مزيدا من الشجن والألم الذي برع الشاعر في تصويره على نحو هذه القصيدة التي يستهلها بنداء جمالي آسر. |
بوابة الديوان قصيدة يرى فيها القارئ أحبته دوماً .. هؤلاء الذين يمرون على اعتاب الذكريات فقط: |
"قل أما من مجيء |
يبادره بالضياء الوصول" |
نعم.. هي رحلة الشاعر في فضاء الروح حينما تستمطر عذب اللقاء .. أو حتى تشفق وتحن تلك الذكريات التي تتراكض مثل الدخان .. فلا يكف الشاعر الزيد عن سبك قصيدته الفاتنة، ليشد القارئ نحو الضياء الذي ينبثق من أمله في عودة الصفاء، والهدوء.. بل إن كلمة "الوعد" تأخذ شكل اللازمة الضرورية في النص لتجعل منه منطلقاً استشرافياً لما يرومه الشاعر خلف كلمات القصيدة.. |
وحدة الشعر هي ما يجعل الشاعر في هذا الجو السابح.. فمن يستطيع الوصول إلى المبتغى هو مارد يقهر.. فالشاعر يعرض الحالة ويشخص الألم لكنه قليل الحيلة أمام العلاج.. لعل "الوعد" الذي يطلقه الزيد بين جملة وأخرى حري بأن يعيد للعالم صوابه ويثيب المهووس إلى رشده.. نحن مع الشاعر في كل ما يقول لأنه الأصدق.. فالزيد وبما عرف عنه حري بأن نتجاذب معه روعة الإنسان المسكون بجمال الشعر ودهشة المفردة الشاعرة: |