لقاء.. بين العقاد وميخائيل نعيمه محمد أحمد الصايغ
|
كنت قد سألت الأستاذ ميخائل نعيمه عن حكاية لقائه بعملاق الفكر عباس محمود العقاد، ومدى علاقته به، فأجاب:
"تعود علاقتي بالعقاد إلى أوائل العقد الثالث من القرن العشرين، أيام كنت أكتب مقالات "الغربال" وكان والمازني يكتبان مقالات "الديوان" دون أن يكون لأي منا صلة بالآخر، وكان العقاد قد وضع مقدمته الممتازة للغربال الذي صدر أول ما صدر في مصر عام 1922م ومن بعدها بادلني العقاد وبادلته بعض المؤلفات، وكتبت عنه، وكتب عني، ولكننا لم نلتق وجهاً لوجه إلا فترة جد قصيدة، وكان ذلك في مقر المجمع العلمي بالقاهرة، حيث دعتني الحكومة المصرية لحضور مؤتمر أدباء العرب عام 1958م".
وحين نتصفح كتاب "الغربال" نجد أن مقدمته الممتازة كتبها عباس محمود العقاد، ثم نجد في الكتاب مقالاً عن كتاب "الديوان" الذي وضعه العقاد والمازني، فإذا رجعنا إلى كتاب الديوان وجدناه يضرب على الوتر نفسه الذي يضرب عليه الغربال في حملته على أدب الصنعة والتقليد والدعوة إلى أدب جديد يعبر عن ذواتنا وتجاربنا، فإذا تحرينا عن تاريخ نشر الكتابين، نجد أن الطبعة الأولى للديوان قد صدرت في القاهرة عام 1921م وأن الطبعة الأولى للغربال قد صدرت في القاهرة عام 1923 وحينئذ يتبادر إلى الظن أن نعيمه والعقاد كان يعرف كلاهما الآخر، وتربطهما صلة صداقة وود، دفعت كليهما إلى الحديث عن كتابات الآخر، والتقديم لها، والتعليق عليها، وقد يستتبع ذلك الاعتقاد بتأثر الغربال بالديوان، باعتبار تأخر الأول في صدوره عن الأخير!
لكن الحقيقة أن التعارف بين هذين العملاقين، كان تعارفاً فكرياً فقط، وأنه تم بعد أن أخرج كلاهما فكره ورأيه في النقد، ذاك في المهجر، وهذا في مصر، فعلى الرغم من صدور الغربال في عام 1923م، بالقاهرة، فإن المقالات التي يحتويها كانت قد نشرت من قبل في صحيفتي: الفنون والسائح بنيويورك على مدى عشر سنوات ما بين عام 1913، 1922م على حين أن نعيمه لم يطلع على الديوان إلا بعد أن أرسله الناشر محيي الدين رضا سنة 1922م أما قبل ذلك فلم تكن لديه معرفة بمؤلفيه العقاد والمازني، ولكنه بمجرد أن اطلع على الكتاب،و حتى أحس بالتقائه معهما في طريق واحد وهدف واحد، فقد قاما في مصر بما كان يقوم هو به في نيوريوك، من تحطيم للجمود، وتقويم للمقاييس الأدبية، مما دفعه إلى تحية الديوان بالمقال الذي أشرنا إليه، وحينئذ بدأ التعارف بين الكاتبين الكبيرين على البعد، فلما أصدر العقاد كتابه "الفصول" بعد ذلك وفي العام نفسه 1922 أهدى نسخة منه إلى نعيمه، فتناوله نعيمه بمقال نشر في الغربال!
هذه المودة الفكرية التي أحسها نعيمه بينه وبين العقاد، دفعته عندما أرسل مواد "الغربال" إلى الناشر محيي الدين رضا، أن يطلب منه تكليف العقاد بوضع مقدمة له، ولم يكتف بذلك، وإنما بعث للعقاد برسالة تتضمن هذه الرغبة، وقد رد العقاد على رسالة نعيمه في 26 مارس 1923م بالموافقة وامتنانه بهذا الطلب قائلاً في رسالته: "آمل أن تكون هذه الرسالة فاتحة تراسل دائم وطويل.." وحينذاك، أتيح للعقاد أن يقرأ فكر نعيمه في الغربال، وأن يكتب له المقدمة!!
والغربال يحتوي على اثنين وعشرين مقالاً، ثمانية منها تعد دراسته نظرية عامة لاتتناول أديباً بذاته، أو أثراً أدبياً بعينه، وهذه المقالات تبلغ نظرية عامة لا تتناول أديباً بذاته، أو أثراً أدبياً بعينه، وهذه المقالات تبلغ في حجمها نصف الكتاب، الثلاثة عشر مقالاً الأخرى تعتبر دراسة نقدية تطبيقة، حيث تتناول عملاً أدبياً، شعراً أو نثراً، بالنقد والتعليق!
في المقالات النظرية يحدد نعيمه مفهوم النقد الأدبي ووظيفته، ويبين طبيعة الأدب ورسالته، والشعر ومفهومه.. أما مقالات النقد التطبيقي، فتبدأ بنقد ديوان "الأرواح الحائرة" لنسيب عريضة، تليها مقالة "الدرة الشوقية" وهي نقد لقصيدة أحمد شوقي التي نظمها بعد عودته من المنفى، والمقالة الثالثة تتناول ديواناً للشاعر رشيد الخوري المعروف بالشاعر القروي، والمقالة الرابعة بعنوان "الريحاني في عالم الشعر" وفيها حديث عن مجموعة شعرية أصدرها أمين الريحاني بالانجليزية باسم "أنشودة الصوفيين" ثم مقالة عن كتاب "السابق" لجيران، وأخرى عن كتاب "ابتسامات ودموع" الذي عربته الأدبية "مي" عن الألمانية، تليها مقالتان قصيرتان، إحداهما تعليق على ديوان "أغاني الصبا" لمحمد الشريفي، والأخرى تعليق على كتاب "النبوغ" للبيب الرياش.
يبقى بعد ذلك أربعة مقالات، الأولى تتحدث عن ترجمة خليل مطران لرواية وليم شكسبير "تاجر البندقية" والثالثة عن "العواصف" لجبران، أما الثانية والرابعة فتتناولان كتاب "الديوان" للعقاد والمازني، وكتاب "الفصول" للعقاد!
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|