أصل الداء شعر: يحيى السماوي
|
أربعةً كنا مصابينَ بداءٍ
أَعجزَ الطبيبَ والعطارَ في مدينةٍ
جميعُ أهليها يُعانونَ من التعاسهْ..
وَمرتِ الأيامُ
حتى حلَّ في البلدةِ شيخٌ طاعنٌ
مهنتهُ الفراسهْ..
زرناهُ نَستفهمُ عن أمراضنا
بادَرني بقولهِ: من أي شيءٍ تشتكي؟
قلتُ: من الضبابِ في بصيرتي
ومن شعورٍ غامضٍ أفقدني الوقارَ والكياسة
فتارةً أشعرُ أنَّ بلدتي مئذنةٌ
ترشنا بالنورِ والأريج
حتى تستحيلَ جنةً أرضيةً..
وتارةً أشعرُ أن بلدتي إذاعةٌ
تنهى عن المعروفِ أو تأمرُ بالمنكرِ
حتى تستحيلَ حانةً لنخبةٍ
ومخدعاً لساسهْ
فلم أعدْ أميزُ العهرَ من القداسهْ
أشارَ للثاني: وأنتَ؟ أيَّ شيءٍ تشتكي؟
أجابهُ: من عَدمِ النسيانِ..
من علائمِ انتكاسهْ
بدت على وجه غدي..
فَعمدةُ البلدةِ قبل أنْ يكونَ عُمدة
كان بشوشاً وتقياً..
يبدأُ الحديثَ بالذكرِ..
ولا يرفعُ حينما يسيرُ راسهْ
لكنه من بعدما صيرَ منه (الغرباءُ) عمدةً
صارَ جهوماً.. كاسراً
مثلَ كلابِ الصيدِ والحراسهْ!
والتفتَ الشيخُ إلى ثالثنا
(وكان لا زال على مقاعدِ الدراسهْ):
وأنتَ مم تشتكي؟
أجابه: أشعرُ حين أفتحُ الكتابَ
أنَّ مدفعاً يطلع من بين السطورِ
فاتحاً شدقيهِ لي..
فأستحيل أرنباً يبحث في الصف عن الكناسِ(1)
تغدو لغتي تمتمةً..
ودفتري كُناسهْ!
وأشتكي من صدأ
طال مرايا الفكرِ في عالمنا
فلستُ أدري مَنْ بنا البائعُ والمباعُ
في (عولمةٍ) النخاسهْ
...
وقالت الرابعةُ (العانسُ):
أشكو هاجسَ الأرملةِ الثكلى
فهلْ من بلسمٍ يوقف زحفَ العمر
ريثما يمرُّ عابرا شواطئ البلدة حوت الحربِ.
أو توقفُ دورانها طاحونةُ السياسه؟
فأطرقَ الشيخُ ملياً..
ثم قال جازماً:
أمراضكمْ جميعها مصدرها
(جرثومةُ الكرسي) في (مستنقعِ الرئاسهْ)!
alsamawy@iprimus.com.au
(1) الكناس: بالكاف المكسورة: بيت الظبي، الأرنب.. والكناس بالكاف المضمومة: الزبالة.. والمقطع بمجمله إشارة إلى عسكرة بعض المناهج الدراسية في ظل النظام العراقي السابق.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|