قصة قصيرة ابن خلدون نورة بنت سعد الأحمري
|
بصوت مبحوح خافت الحروف.. لماذا.. لماذا؟؟
كيف تعدم أحلامنا في مهدها..؟؟
كيف تسرق أمانينا من بين أيدينا؟؟
هل سيصدق عدنان ولينة في مقدمتهما الشهيرة.. في عام 2008 اندلعت الحرب العالمية الثالثة.. هل سيسرق منا كل شيء حتى الحزن.. هل وهل..!!
ما الدافع خلف إصرار الشر على تدميرنا؟؟
وتسير المركبة وتدور عجلاتها فيزداد دوران رأسي بالأفكار..
تقف دمعة حائرة تريد الانتحار في بركة خدي الذي بات مسبحاً للأحزان، وأخرى تريد لنفسها الموت بطريقة العشاق، فتقطع وريد الحياة من يدها؛ لتنزف وتنهمر مترنحة.. وتظل الدموع تعبر معي شوارع الدمام الرطبة في مثل هذا الشهر، أغسطس من كل سنة، الذي تتعالى فيه حرارة الأجواء، وتتعالى معه حرقة قلبي.. أعبر شارع الكورنيش والأنوار تتداخل ألوانها مع حيرة دموعي.. هياكل البشر يكتظ بها الشارع، فلم أعد ألمح لون الحياة في الوجوه.. أنظر في مرآة المركبة الأمامية فأشاهد موميا تلوح لي بالمغادرة، ترقب فقط لحظة الانفراج لتسقط على أرض صلبة
فتتهشم.. ولم تزدني الخيمة السوداء إلا ألماً، فقد لمحت السماء تمسك بطرف شارع المزارع لتلتقي معه في مقهى الخوف الذي بُني للتو.. كيف يطلقون عليه شارع المزارع وهو الآن يزرع الدموع على أهدابي؟! أليس من الأجدر تسميته شارع الدموع فها هو يشهد انتحار دموعي؟!
تماسكت وأنا أمنِّي نفسي بأن القادم أجمل.. لأنعطف يساراً وأتوه في شارع ابن خلدون، ورسائل الخوف تتواصل بين دموعي؛ ليسري بي ماس كهربائي يقدح بالشرر من تلك الأعمدة التي تمتد على جانبي الطريق.. فأشعل ماسحة الماء لتمسح رطوبة أغسطس عن عيون الطريق؛ ليقفز
بين دموعي شكل السكين وهو يهوي على أوصال اللحم ليقطعها دون أن يشعرها بألم.. وتظل المركبة تسير وأنا أستمر في الخيال الدامي الحزين لتصبح المركبة في تصوري سكيناً تقطع الشاعر نصفين، فلا تسيل منه الدماء، أو قد تسيل ولكنها لا تبدو واضحة في سواد المكان.
يا إلهي.. أيعقل ألا تسعفني الكلمات وأنا هنا في شارع ابن خلدون؟! أين العلامة ومَن برع في فن التاريخ وعلم الاجتماع؟! هل له أن يترك أحزاني هكذا تدونها حرارة القلب ولا تمسحها دمعة منفلتة؟! ترى لو علم بي وأنا أجوب مكانه أبحث عن مكان انتماء لأدفن أحزاني، ماذا سيقدم لي؟؟
هل سيعود بي إلى عالمه، أم أنه سيبقى معي ليرى البشر وقد غدوا ممسوخين كالنعجة دوللي؟! وكيف أتقن الفضاء تربية العقول الماجنة التي لا تتحرك إلا على الوحدة والنص ومحلات الغث التي اكتظ بها المكان لبيع الفراغ؟!
ابن خلدون.. كيف أضعتني وسط الأفكار وأنا الرابضة في انتظارك؟!
وفجأة، أسمع الكابح بصوته المخيف فأعلم أن الدمعة قد اصطدمت بعمود الإشارة.
461425هـ
Noora436@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|