خريطة لفقد الكنز!! غادة عبد الله الخضير
|
أول الأبجدية
نقسمها ثلاثة هذه الحياة: ولادة وخوف وموت.
الولادة: بيضاء كورقة ناصعة، يكتب عليها الخوف قصصاً متعددة الأحداث والشخوص.
الخوف: رمادي أكثير ميلاً إلى الأسود، لا نجزم به لكننا نعيشه.
الموت: خاتمة الألوان، نغلق في حينه صرخة الولادة وصرخة الخوف بصمت.
منتصف الأبجدية
وضع رأسه على الوسادة..
أغلق عينيه..
وفتح نافذة عريضة في منتصف رأسه يطل منها رأس للأمس ورأس لليوم ورأس للغد.. الجميع يتحدث بصوت واحد هامس رتيب..
الأمس: تاريخ قديم مكدَّس بالأحداث التي صارت تنفع قصصاً لما قبل النوم ولما بعد الهزيمة حتى يدخل الإنسان أكثر في سبات النسيان والحلم معاً.. وعندما يجتمع النسيان والحلم معاً نستطيع وبجدارة أن نحصل على مزيد من قصص التاريخ التي نكتبها وفقما نريد، هنا نصر بصوت، وهنا نصر بقلم وصورة.
اليوم: جحور فردية يعيش فيها كل واحد منا برأسه فقط، متصوراً أنه الوحيد الذي يقرأ التاريخ ساخطاً على أولئك الذين جعلوه لما قبل النوم ولما بعد الهزيمة، مرحباً بخلطة (النسيان والحلم معاً)، منادياً من منصة هذا التناقض أن يداً واحدة لا تصفق، وهو لا زال في جحره، أبوابه مغلقة، ونوافذه مغلقة، ورأسه مغلق، ولسانه (يقولون ما لا يفعلون).
الغد: طاهر ونقي كعذراء لم يمسسها بشر.. نسمع عنه، ونقرأ فيه، ونكتب له، ونتحدث حوله، ونرسم له خططاً حتى يدركنا الصباح، وقبل أن نقبل جبهته يصبح يوم آخر يغني بحنجرة شجية لأمس يلوح من بعيد..!!
آخر الأبجدية
هناك خرائط نبحث من خلالها عن كنز مفقود، وهناك وفي ذات الوقت خرائط نفقد عن طريقها كنزاً وجدناه.. خرائط يرسمها الإنسان بعقله ويده.. يشكل فيها الحياة التي يريد، والصفات التي تعينه على إيجاد أو فقد كنزه.
خريطته النفسية (صنع أيدينا) هل استقرت على هذه المعاني:
الحيرة: بين ما نريده وما لا نريده، بين ما نستطيعه ونخاف منه، بين ما له معنًى في حياتنا وما يفتقد هذا المعنى، بين ما يؤثر فينا وما نتأثر به، بين الصحيح الذي يجب أن يكون وبين الخطأ الذي دخل مرحلة (العادي!!!) متأهلاً ليصبح صحيحاً بدوره..!!!!
إن الحياة خلعت عنها لون البياض والسواد وارتدت ثوباً من سراب، فما نراه هو حقيقتنا الشخصية التي ندافع عنها في مرحلة أفسدت فيها وجهات النظر المتعددة وجه الحقيقة الممكن.
اللامبالاة: فقد الإحساس بالأشياء، فلا شيء مهم.. ماذا ينفع أن نفعل؟ ماذا ينفع أن نعبِّر؟ ماذا ينفع أن نقرِّر؟ ماذا ينفع أن نغيِّر؟ وبماذا نفيد إن تغيَّرنا؟ ما فائدة أن ندافع؟ الحياة لا تستحق..!! كلنا سنموت!! التفكير (وجع رأس)!!!!
الجهل: مثلما هناك فكر واعٍ هناك أيضاً جهل يمتلك كل المقومات التي يستطيع أن يعبر من خلالها عن أساليب جهله بطرق مبتكرة، هو جهل جريء بمراحل يتفوق فيها على الفكر الواعي الذي ينقصه كما هو الحال في كل زمان ومكان التنبه له والاستماع إليه. هو جهل له قنواته الإعلامية المتخصصة مثلاً، وله جمهوره العريض، وله من الترويج نصيب أسد.
الاعتماد: صورته خفية غير ظاهرة تتلخص في (الانتظار) للفارس الذي يخلصنا من كل هذه الحيرة واللامبالاة والجهل.
ghadakhodair@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|