الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th June,2005 العدد : 110

الأثنين 6 ,جمادى الاولى 1426

التشكيليون في الدوادمي:
دعم المحافظة سهَّل لنا سبل المنافسة
محمد المنيف

في العدد السابق أشرنا ضمن حقيبتنا التشكيلية إلى احتفاء واحتفال الدوادمي ومثقفيها وفنانيها بحضور محافظها الأستاذ محمد الهلال ومدير تعليمها عبد الله الضويان بافتتاح أكبر صالة عرض للفنون التشكيلية متخصصة على مستوى إدارات تعليم المنطقة، إن لم تكن الأكبر على مستوى المملكة، فغالبية الصالات المخصصة للمعارض الفنية في بعض الإدارات تحولت إلى مكاتب ولم يتم إيجاد بديل لها، فتوقف عرض المعارض الفنية في حدود المدارس، أو البحث عن صالة عرض تتناسب مع الغرض مع ندرة الملائم المشتمل على أدنى المواصفات التي يجب أن تكون عليها صالات المعارض التشكيلية.
مدير التعليم الأستاذ الضويان الذي أخذنا في جولة على الموقع قال: إن هذا المحيط يجمع مختلف المرافق الثقافية كالمسرح وقاعة اجتماعات ومركز للمواهب، أقمناها على أرض خاصة بالتعليم بما فيها صالة الفنون التشكيلية التي بُنيت على مساحة تقدر بـ450 متراً مربعاً على أحد أهم الشوارع في المدينة، بحيث يرتادها مَن يرغب في الاستفادة منها، ومنهم منسوبو القطاعات الأخرى غير التعليمية، فالموقع الذي يمكن أن نسميه المجمع الثقافي مفتوح لكل مَن يمكنه الاستفادة منه، وقد أقيمت عليه الكثير من المناسبات والفعاليات الثقافية والدورات ذات العلاقة. كما أكد الأستاذ الضويان أن الصالة رافد من روافد هذا الموقع التربوي الثقافي الإبداعي.
فنانو الدوادمي الأكثر نشاطاً
مررنا في حقيبتنا الماضية أيضاً على بعض الشواهد والمبادرات التي بذل فيه فنانو الدوادمي جهوداً كبيرة جعلتهم في مقدمة الفنانين في المملكة، في الوقت الذي لم يستطع فنانون آخرون في مناطق أخرى القيام بمثلها. لذا نود القول: إن العمل الناجح سبيل لإقناع المسؤول لدعمه والاهتمام به، ومن ثَمَّ لفت نظر الجمهور إليه مهما كان نوعه، ومنها الثقافة بما فيها الفنون التشكيلية. هذا المبدأ أو الأسلوب في إثبات القدرة وتحقيق الهدف برز في محافظة الدوادمي بقيام إدارة التعليم بافتتاح هذه الصالة للفنون نتيجة أمور كثيرة، منها أن غالبية الفنانين التشكيليين فيها من منسوبي التعليم، كما أن الموافقة على إقامتها ودعمها آتٍ من قناعة تامة بأهمية الفنون في حياة المجتمع، وتقريب هذا المنجز إلى المتلقي دون عناء؛ فقد أصبح الآن في متناول أيدي الجميع.
الصالة تحرك الراكد في بحيرة التشكيل
لم يكن الافتتاح ومستوى الحضور فيه إلا شاهداً حقيقياً على مدى تفاعل مجتمع الدوادمي مع أي حدث يرفع من شأن محافظتهم، ولهذا جاؤوا من مختلف مدنها، ولم يتوقف الحضور على الفنانين فقط كما نشاهد في معارض تقام في مدن أخرى كالرياض أو جدة، لدرجة أن ضاقت الصالة بالحضور رغم الحجم الكبير في مساحتها. هذا التواجد وهذا الإنجاز سيكون لهما مردود كبير على واقع الفن التشكيلي في المحافظة التي تضم نخبة كبيرة ومهمة من الفنانين على الساحة السعودية، إضافة إلى الأسماء الشابة من الفنانين والفنانات التي تقدمهم المحافظة عاماً بعد عام، ففي كل معرض للمحافظة موقع نجد فيه أسماء جديدة متميزة.
لهذا، ففي وجود الصالة ما يدفع أولئك الفنانين إلى تقديم إبداعهم لجمهورهم الذي وقف معهم وساندهم، لنتوقع ونسمع ونرى في هذه الصالة معارض جماعية وفردية لهم، كأن تبدأ (مجموعة الدوادمي) عند إقامتها أي معرض من هذه الصالة، إضافة إلى (مجموعة أجراس)، وهي مجموعة جديدة نتوقع لها أن توجد مساحة من المنافسة، ولا ننسى أيضاً ما نطالب به بعض الفنانين النحاتين الذين اشتهرت بهم الدوادمي ورفعوا اسمها في المعارض التشكيلية في هذا المجال وتفردت به بأن يؤسسوا لهم مجموعة متخصصة في النحت تجمع أقطاب هذا الإبداع.
قصر الملك عبد العزيز
مشروع متحف
مَن يزور الدوادمي لا بدَّ له أن يعرج على قصر الملك عبد العزيز؛ ليرى الطراز المعماري النجدي الحقيقي، ويتمتع بتفاصيل هذا المعلم التاريخي الذي أصبح ملهماً لكثير من التشكيليين هناك. ومع أن القصر شُمل بالترميم والاهتمام فإن الاستفادة منه أصبحت مطلباً للجميع بأن يكون متحفاً يمكن أن يعرض فيه الكثير مما تشتهر به المحافظة من منتجات ومصنوعات تراثية، إضافة إلى إمكانية الاستفادة من جزء منه للفنانين التشكيليين كمراسم وورش عمل يبدعون فيها ما يستلهمونه من واقع المحيط المكتنز بالأدب والفكر وجمال الطبيعة. لقد كانت زيارتنا له من قِبل إدارة التربية والتعليم مكسباً سيبقيه في ذاكرتنا مع ما تشتمل عليه وتحتفظ به من معالم الوطن الغالي.
التشكيليون في سجن الدوادمي
قد يُثير هذا العنوان استغراب القارئ، وقد يُفهم على غير حقيقته، مع أن الأمر طبيعي؛ فتواجد أي منا في السجن لا يعني ارتكابه قضية ما، وفي السجون الحديثة (إن صح التعبير) أيضاً ما يستحق الزيارة؛ فقد تحولت إلى مراكز ومرافق تربوية وثقافية. لهذا وضعت زيارة سجن الدوادمي ضمن جولتنا التي أعدَّ لها برنامج شمل الكثير من المعالم الحضارية والتاريخية في المحافظة، وسعدنا بلقاء الرائد سياف بن محيا مدير عام السجن وبقية منسوبي الإدارة.
وعلى الرغم مما مررنا به من إجراءات أمنية مشددة وفق أحدث الأنظمة إلا أننا شعرنا أن مَن داخل السجن يجدون ما يجده الآخرون خارجه من سبل المعرفة وأساليب التأهيل إلى حياة أفضل، مع ما يشعرهم أن في الحياة من منابع العمل الصالح ما كانوا غافلين عنه. ففي سجن الدوادمي مكتبة زاخرة بالكتب المتنوعة، وفصول دراسية، وورش لتعليم ميكانيكا السيارات، وقاعة للتدريب على الكمبيوتر، إلى آخر منظومة المعارف والعلوم، وصولاً إلى قاعة فسيحة تصدَّرتها طاولة أعدَّت لممارسة الفنون التشكيلية امتلأت باللوحات، منها المكتمل أو في طور الاستكمال، برز فيها مواهب متميزة لبعض السجناء وجدوا في هذا المجال فرصة للتعلم وكسب الخبرات مع الشعور بالتنفيس واستغلال الوقت. هذا الموقف ذكَّرني بحديث أحد السجناء في دولة غربية يقول فيه: (إنه رسم على جدار زنزانته لوحة تمثل بحراً وبه قارب شراعي، يشعر عند مشاهدته لها أنه خارج السجن، فينتابه إحساس بالراحة والاطمئنان). انتهى حديثه لنعود إلى الإشارة إلى أن هذه الدروس في الفنون التشكيلية التي يتلقاها السجناء جاءت بالتعاون مع قسم النشاط الفني بإدارة تعليم الدوادمي، وتم من أجل هذه المبادرة توجيه الفنان الأستاذ سعود العثمان أحد المعلمين المتخصصين في المجال وأحد رموز الفن التشكيلي على مستوى المحافظة والمملكة لإعطاء السجناء دورات في مجال الفنون التشكيلية المختلفة كالرسم والنحت والأعمال التطبيقية، بمتابعة من الرائد مبارك السليس مساعد مدير السجن وبإشراف من الأستاذ الفنان أحمد الدحيم رئيس قسم التربية الفنية بإدارة التعليم الذي أشار إلى أن فكرة الاهتمام بالموهوبين من السجناء سيكون لها استمرارية قد تصل بنا إلى إقامة معرض عام لأعمالهم يكون ريعه لدعمهم، إضافة إلى إمكانية مواصلتهم الإبداع بعد خروجهم.
ملامح من الزيارة
الأستاذ مشاري الرومي مساعد مدير التربية والتعليم والإعلامي المعروف كان له حضوره المعهود، وكان لنا معه حديث شيق في مكتبه بالإدارة حول المناسبة.
الأستاذ إبراهيم اليحيى مدير النشاط الطلابي بالإدارة بذل جهوداً بارزة في استقبال ضيوف الدوادمي ابتداءً من الاطمئنان على راحتهم في سكنهم وصولاً إلى تواجدهم في الصالة التشكيلية.
الزميل الفنان أحمد الدحيم كان أكثر البقية قلقاً على كل التفاصيل.
الزميل عبد العزيز الرويضان الذي رافق الفنانين عبد الرحمن السليمان والأستاذ خير الله زربان ومحمد المنيف ذهاباً وإياباً من الرياض وإليها كان بمثابة دليل سياحي يعتز بالحديث عن كل صغيرة وكبيرة داخل مدينة الدوادمي وخارجها على طريق الرياض.


الأسبوع القادم: مشاهدات من مراسم الفنانين، وبحث عن حقيقة ما يدور في مجموعة فناني الدوادمي، وكشف لما تحتضنه ميادين وشوارع المحافظة.
monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved