قصة قصيرة عازف الجيتار إثراء زاهر الرياض
|
يبدو هو من هذا البعد كمدينة تفتقد للحضارة، كخريف حزين.. كل شيء ينذر بأنه سيرحل قريباً وسنبكي غيابه كثيراً.
كان يدرك النور بحواسه الأربع وعينيه المعلقتين بآماله المترجلة عن بقية البشر، حتى هدايا العيد كانت تأتيه مبعثرة.. متكسرة.. بعد أن أسقطتها عربة أيائله الضريرة أمام بيته.
يشاطره مطاردة أحلامه كلبه الذي يقبع تحت طاولته الفارغة ينتظر (عظمة) يأكلها قبل الظلام.
كانت أمه تحكي له قبل أن تموت أمنية.. وآخر ما رأى
(هناك في السماء نقود نثرت تلمع كثيراً تنتظرك أن تكبر لتأخذها من عيني السماء وحين أُطفأت عيناه.. أخبرته بأن هناك من كبر قبله ولمها في جيبه..).
وبقي كلبه ينبح لذاك الذي يتسلق السماء كل ليلة.
إنه بخير حقاً بصحبة جيتاره الذي يصدر لحناً يشبهه، وينام في حضنه لدوزنة أوتاره المنهكة.
عبرت ريح القرية، عصفت بالأبواب، اقتلعت الأشجار ونفثت الخوف في قلوب الناس، كل شيء كان يهتز.. يتساقط.. يُغني الرعب بصوت نشاز، وبقي هو ساكناً لا يتحرك إلا صوت جيتاره..!!
كان يعبر القرية ليلاً، بسبب ذلك الشعور الذي كان يحسه، بأنه كان يسحب النهار من خلفه.
أراد أن يحتفل ويتأنق جداً، لحياة لم يرها إلا مرة أو مرتين، أراد أن يعذر لفراشات الحقول التي لم يطاردها ولمرآته التي لم يقف أمامها ولسنوات العمر و... و...
لبس ليحتفل مع كلبه بطرق كؤوسه المغبرة.. ويبتسم
شيء ما ينقصه
ربطة عنق.. لتكتمل أركان السهرة.. ربطها.. أكثر..
و
أ
ك
ث
ر
إنه بخير الآن.. لقد مات ولم يبدُ عليه ذلك حقاً.. وبقي كلبه ينبح عن جيتاره ألحاناً لم يسمعها بعد.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|