قلب على الرصيف عبد العزيز حمد الجطيلي *
|
عازف الصمت..
يالتعاسة الإنسان فيك..
تفتح أبواب أعماقك أمام الآخرين.. حيث بستانك الخاص..
وردك وسنابل قمحك.. عصافيرك وحمامك الأبيض..
تفتح أبواب أعماقك للآخرين.. حيث ليلك الطويل..
وحفيف الريح.. وصياح الديك.. وضجيج صمتك..
كلها ألحان تطربك أنت.. وينام عنها غيرك!!!
كل أعماقك بجغرافيتها.. بفصول الشتاء الأربعة فيها!!!
بأمطارك الاستوائية.. بنهر حلمك الذي يغرق في صحراء يأسك..
كلها للناس.. أردتها أنت أن تكون مزاراً..
بعد أن مللت وتألمت من أعماق بلا مرايا.. بلا صور أخرى..
غير صورتك.. أنت حائر بين ألفتك وحنينك.
عازف الصمت
يا للأسى والكآبة التي تسكنك..
تفتح أبواب أعماقك للآخرين..
تفتح نوافذ وستائر غرفة نومك.. حيث السرير الكبير.. والوسادة البيضاء..
المرايا والصور.. وجثمان الساعة المعلَّقة على الجدار..
كأس القهوة السوداء.. الكرسي الخالي بجوارك.. وعلى المنضدة الصغيرة..
أوراقك.. أقلامك.. وقارورة الحبر.. وعلبة الدواء.. وبعض من ذكرياتك..
ولوحة (المسافر راح) .. وهاتفك الأخرس..
أردت أن تتهاوى أسوار عالمك بعد أن مللت من أسرار ذاتك..
عازف الصمت
يالشقاوة الإنسان فيك..
تصنع سفينة للآخرين ليبحروا إلى جزيرتك.. إلى قيْد وحدتك..
فكان الإبحار، وكان أن لا وصول إليك!!!
تصنع المفاتيح، ليسلب الآخرون كنز خصوصيتك..
وحين لم يتعرَّف السارق على سبائك ذهب وفضة صاغها قلبك..
تركها مهملة، وأبقاها لك.. لتعيش حالة فقر امتلاكك لها..
مسكين أنت!!
مسكين أنت..
تفتش في عيوب الآخرين حين يقرؤون جرحك.. وانكسارك..
واغترابك عن نظره تضمد جرحك وتجبر كسرك..
وعن قلب يحضن قلبك ليبدد عافية وحشتك واغترابك..
عازف الصمت
يا شقاوة وبؤس الإنسان فيك..
تختار أعذب الكلمات.. لتعبِّر عن مرارة لوعتك..
تتغزَّل في حلم هجاك بصده ومخاوفه وغيابه..
حتى بات كل أمل يُولد في حياتك يكبر ألماً..
قصتك مع إشراق يحملك إلى الغرق في غيمة من غروب..
مسكين أنت!!
تكتب للآخرين عن نفسك.. وإصبع يدك السادس..
يروي لهم ثرثرة جمجمتك وصمت قلبك..
هنا على الرصيف!!
هنا على الرصيف مدينة أحزانك تُباع..
عند إشارات المرور تُباع..
في الأسواق.. في المكتبات.. عند محطات الوقود تباع
هنا مقالك يُباع.. صورتك الملونة تُباع
ألحانك وذكرياتك.. وشجنك وقصص حبك تُباع
لِمَ أعماقك تكتب، وأنت تريد أن تقول، فلا تقول!؟
لِمَ قصصك تُروى.. وكل قارئ لحزنك لا تشجيه أحزانك!؟
لِمَ حبيبة أمسك، أصبحت تاريخ حرفك اليوم.. بداية الحرف ونهايته!؟
وهي لم تعد تذكر من ورقة تقويمك سوى حكمة الرحيل عنك..
إذاً مِنْ أجل مَنْ هنا أنت ترسم قلبك!؟
ما أصعب أن يُباع قلب رائع على الرصيف!!!
قطرة الوداع:
صمت حنانك عليَّ.. يشبه ثرثرة حنيني إليك..
إنهما الألم والألم.. البُعد والفقْد!!!
* عنيزة
ayamcan@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|