الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th February,2006 العدد : 140

الأثنين 14 ,محرم 1427

إبراهيم شيخ في قصص للأطفال
قصص وأحاديث متفائلة في لغة هادئة
*مطالعات -عبدالحفيظ الشمري
الأديب الكاتب إبراهيم شيخ مغفوري ينطلق في كتاباته للأطفال من بُعد تربوي، إلا أنه لا ينصرف كثيراً بقارئه نحو أبجديات الطفولة، إنما يروم تقديم مادة متوازنة تحقق المتعة والفائدة للقارئ بكل توجهاته ومراحله العمرية.
قصصه الجديدة (الشرطي الصغير)، (سندريلا المدينة)، (الثعلب المسافر)، (حسن النية)، (كنز الصياد)، (مدينة الأحلام)، (حكيم العصافير) وقصص أخرى، تحمل دلالات واضحة تبيِّن للقارئ أن موارد الحياة ومشاربها كثيرة؛ فقد ينظر شخص ما إلى الحياة من زاوية لا يرى فيها أي فرصة للأمن، فيما شخص آخر يراها متميزة وبها من الجمال ما يشبع رغباته، فالنظرة العامة لدى الكاتب إبراهيم شيخ لا تخرج عن سياق النظرة المتفائلة، تلك التي تستظهر إمكانية التعايش مع من حولنا، أو ما حولنا من كائنات.
في قصة (مدينة الأحلام) يستشرف الكاتب من خلالها رؤية تربوية لا تغيب عنها الحكاية الشيقة، تلك التي يرسمها بشكل واضح ليقبل عليها القارئ الكبير والصغير في حالة تلقّ واحدة لا تحتاج إلى جهد أو عناء.
في القصة الآنفة الذكر يذهب بطل القصة (بدر) إلى المدينة الحلم، تلك التي يحلم بها الكبار أصلاً لحاجات ورغبات تمليها رغبة البحث عن الذات والقوت؛ إذ لم تخرج هذه القصة عن سبر أغوار الذات التي تذهب عادة إلى سر الأشياء، وعن مكوناتها اليومية، لنرى أن نموذج (بدر) هذا قد لا يكون طفلاً مثل الأطفال، إنما هو شاب يافع سيستفيد الصغار من مغامراته الحياتية، تلك التي بدأها بالتحايل بحثاً عن الرزق الذي لا يتم إلا بعناصر عدة من الفعل الإنساني على نحو ما عرض له من ضرورة الالتزام بالأمانة، والبعد عن الشر، وحسن المعشر، ورد الجميل، وما إلى ذلك من نوازع يجب التعريف بها للناشئة على هذا النحو الذي طرحه الكاتب إبراهيم شيخ في قصصه.
فيما جاءت القصة اللاحقة بهذه القصة، وهي بعنوان (الشيكات الخمسة)، موجهة نحو مفهوم الصراحة والصدق وتحمُّل الأمانة على نحو ما تلقَّاه الشاب (البراق بن وائل) من خير الجزاء على صنيعه في حفظ الأمانة.
في المجموعة الثانية (حكاية العصافير) يذهب الكاتب مغفوري إلى الرمز والإيحاء في قصة هذه العصافير التي استوطنت غابة صغيرة، إلا أن دخول الغربان والبوم غيَّر مجرى الحياة التي اعتادتها هذه العصافير ليتحول المشهد الهادئ الوادع إلى فضاء شائك مؤذٍ، لتأتي الحيلة والتفكير محل الاستكانة والاستلاب؛ حتى أضحت القضية ضرباً من المحاولات الجادة للإفلات من الموت الذي تصنعه الطيور الأخرى التي تتسلط على ما سواها من طيور صغيرة.
تأتي الصورة إيحائية ورامزة لما قد يمر به الإنسان من مصاعب، ولا سيما الأطفال في المدارس وفي أماكن لعبهم ولهوهم؛ لأن الطفولة في طبعها وعالمها لا تقبل شيئاً من هذا العنف، إلا أن الموقف يحتاج إلى مزيد من القوة والحزم على نحو ما فعل (عصفور) القصة، حيث جاءت فكرته محاكية لما يراه عند الإنسان من فطنة وتعقُّل ومجاراة الواقع من حوله.
لغة القصص لدى مغفوري سهلة ومتقنة من حيث تناسبها مع عرض الأحداث، فلم يذهب إلى صور غامضة أو تفاصيل طويلة، إنما ظل الإيجاز في العرض هو السمة التي تظهر في العمل.
وتتواجد البيئة بشكل واضح؛ إذ ينهل الكاتب منها ويحقق ذات النص من هذه الحكايات التي عرفها الإنسان العربي منذ قرون، كما في كليلة ودمنة، وقصص الطير والحيوان، وما إلى ذلك من صور إنسانية معبرة تحقق المتعة والفائدة للقارئ الذي يبحث عن مثل هذه القصص، ولا سيما إن كان طابعها تربوياً يسهم في التعرف على حقيقة الوجود وما يختزنه من تناقضات وإيماءات مختلفة تكون هي الدرس الحقيقي لنا نحن البشر.
فالكاتب إبراهيم شيخ مغفوري سجَّل حضوره الإبداعي من خلال هذه القصص الشيقة؛ حيث كتبها بمنتهى العناية، ووظَّف فيها الصور والأحداث بشكل مناسب يعكس تمكُّنه من هذا العمل.
إشارة:
* (مدينة الأحلام) و(حكيم العصافير)- (قصص).
* إبراهيم شيخ مغفوري.
* جازان - (ط1) 1426هـ.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved