وميض فنانو الأحساء وأثر البيئة عبد الرحمن السليمان
|
تترك البيئة في أعمال الفنانين التشكيليين أثرا واضحا خاصة في بداياتهم الفنية، فالاتجاه للنسخ والنقل والتقليد هو الأكثر في الأعمال، لكن معظم الفنانين التشكيليين السعوديين استعادوا صور بيئاتهم من ذاكرتهم وما تختزنه من مشاهد، ربما من أهم الأسباب لمثل هذا التوجه هو أن معظم الفنانين لم يتلقوا دراسات أكاديمية تساعد على توجيههم نحو الممارسة الفنية وفق قواعد معينة، فكانت الصور الضوئية وكان النقل من أعمال فنية كما كان استعادتهم للمشهد ورسمه بناء على الخبرات والمعارف المكتسبة والمتناقلة حول المشهد إذا كان غائبا.
الفنانة صفية بن زقر أول من مثلت هذا الاهتمام عندما رسمت مشاهدها من الحياة البدوية أو الحياة الاجتماعية في مدن المنطقة الغربية، لكنها عندما أخذت في الدخول إلى بعض التفاصيل لمواضيع محلية استعانت بالصور الضوئية من جهة ومن الحكايات وتوصيفات كبار السن للمشهد أو الحدث، عندما ترسم الأعراس على سبيل المثال، وإذا كان فنان مثل محمد الصندل قد رسم مواضيعه البيئية باسترجاعات ذهنية لصور في الذاكرة فإن أحمد المغلوث استعان بالصورة الضوئية التي التقطها أو لصورة كانت موجودة، ربما بالأبيض والأسود.
الأحساء مليئة بالصور الاجتماعية المثيرة، فهناك صور كثيرة يتم تداولها تمثل مشاهد مدنية وريفية لحياة أهل الأحساء من حضر وبادية التقطها الأجانب خلال أو قبل منتصف القرن الماضي كانت بعض هذه الصور مثار بعض الرسامين، عندما نذكر الصندل والمغلوث فإننا لا نغفل أيضا عدداً من الفنانين الذين ورد في بعض أعمالهم الصور المحلية على نحو مباشر مثل عبد الحميد البقشي وعبد العزيز الخوفي وعبد الرحمن الحافظ وسامي الحسين وعبد المنعم السليمان، وآخرون تراوحت أعمالهم بين الصورة المتأثرة باللقطة الضوئية وبين من اهتم بحالة التعبير وفق اتجاه فني ما، كالتأثيرية مثلا، وقد سعى بعض الشباب والشابات لتمثيل بعض الصور المحلية وفق إمكانات محدودة وهم كثيرون، وقد يستعيد بعضهم صورا ضوئية من كتب عن المنطقة أو المملكة، كما فعل غيرهم في أنحاء أخرى من البلاد.
يعتبر الرسم المماثل شكلا طبيعيا في بدايات أي تجربة فنية لم يتلقّ أفرادها دراسة فنية تؤسس لقدراتهم منطلقاتها الفنية وتمنحهم قدرا من التدريب الذي يهيئهم لتواصل أسرع مع نتاجاتهم الإبداعية وهو ما انطبق على الفنانين في الأحساء حيث لم يتلقَّ الصندل أية دراسة فنية سوى ما تعلمه في معهد إعداد المعلمين أو مركز الدراسات بالرياض، أما المغلوث فدراسته في المعهد الثانوي الصحي لم تمنحه أية إضافة أو معلومة في مجال الفن؛ لذا فالاثنين اعتمدا على إمكاناتهما في تثقيف نفسيهما كما هو الحال عند أحمد السبت، أما البقشي فقد ساعده معهد التربية الفنية بالرياض خلاف قدراته الفنية المتفوقة على تجاوز الكثير من الإشكالات التي يمكن أن تواجهه، يبدي البقشي حرصا كبيرا على إبراز تفاصيل فكرته، لذا فلوحته تستغرق وقتا وجهدا مثلما تستغرق الفكرة، من هنا ندرك أسباب محدودية أعماله الفنية حتى في الفترة المبكرة من تنظيم المعارض، لكن زملاءه كانوا أكثر عفوية وبساطة في تناول مواضيع لوحاتهم فجاءت أقرب فطرية وتعبيرا عن الداخل، من هنا كانت لوحات الصندل التي رسمها مع قلتها عن بيئته الأحسائية، وربما هو أكثر فناني الأحساء عاطفة وهو يرسم أو يعبر عن فكرته الفنية، من هنا فإن اتجاهاته التالية وسعيه للتغيير لم يكسبا لوحته تلك العاطفة والشحن الآسر الذي تمتعت به أعماله المبكرة، وعندما نتلمس مقدار تأثير هذا الاتجاه في أعمال بعض الشباب فإن هذا التأثير بدا شكليا لأنه خلا من الروح والحميمية التي رسم بها مواضيعه بينما تقاربت أعمال فنانين شباب من أعمال البقشي وحملت في هيئتها عن المدينة نفس الطابع المقنن الذي رسم به.
aalsoliman@hotmial.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|