الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th November,2003 العدد : 36

الأثنين 15 ,رمضان 1424

العرب والآخر: مأساة
عبدالله السمطي

فرصة ذهبية تتجلى حيال العرب اليوم لكي نعرّف بأنفسنا ونقدم صورتنا للآخر. اليوم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، وغزو العراق وارتفاع وتيرة القمع الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وزيادة التشرذم العربي العربي ما زالت الفرصة سانحة لتقديم أنفسنا للعالم بشكل أفضل، ولتحقيق تواصل ثقافي معرفي مع الآخر الغربي جديد ومتميز وقائم على الحوار والتفاهم.
رغم واقعنا المأساوي بجميع صوره وأشكاله، فإننا يمكن أن نفعل شيئاً في هذا العالم الراكض المتسارع، إذ تتمثل الفرصة في تسليط الضوء الإعلامي والسياسي، ومن قبل ومن بعد الخطاب الكولونيالي على العرب إن تساؤلات عدة تطرح في العامين الآخرين عن العرب من جديد.. من هم؟ وما عقيدتهم؟ وما هويتهم؟ وما تاريخهم؟
أعادت أحداث 11 سبتمبر الحفر المعرفي من جديد، فالأفلام الهوليودية والصور الكاريكاتورية بصحف الغرب، والصورة التاريخية السلبية النمطية للعرب، والصورة السلبية التي تمثلنا كشعوب صحراوية بربرية تركب الجمال، وتتهالك على النساء والملذات، وتصور بعضنا مجرد براميل نفط، لم تعد تجدي في الغرب، أو على الأقل «تنمّطت» هي الأخرى ولم تعد تشبع فضول الغربيين.
أصبح الغربيّ يريد صورة أخرى أيضاً غير صورة «الإرهابي» التي يروج لها الإعلام الصهيوني.
هكذا هناك اليوم قابلية تلقي من لدن الآخر. هذه القابلية علينا أن نعززها ونوسع من دائرتها، بحيث لا تتكئ فحسب على بعض الأصوات الرسمية التي قد تكبلها عوائق الخطاب السياسي ودواعيه، بل على كل الأصوات التي تمثل الأطياف الثقافية المختلفة الفاهمة لثقافة الغرب، وكيفية مخاطبته. هناك مئات المثقفين والشعراء والأدباء والكُتّاب العرب في الداخل والخارج، وهناك من لهم صداقات كبيرة مع مفكرين ومثقفين غربيين، وأيضاً مع كُتّاب وإعلاميين ودبلوماسيين، فلماذا لا تفعّل هذه الدائرة ويتم توسيعها عبر أصحاب القرار؟ لإقامة حوارات ولقاءات مستمرة بيننا والآخر؟
نريد أن نذهب للآخر في باريس ولندن وروما وبون وكوبنهاجن وامستردام وواشنطن ونيويورك وطوكيو. نريد أن نسمع صوتنا في عصر الاتصال للآخر، لكي يتعرف على الصورة الحقيقية للعرب اليوم، لا عرب التاريخ فحسب، بكل مآسينا وبكل معارفنا وتجاربنا، وعبر الإعلام المكتوب والمرئي وبدون أية حزازات متخلفة، أو مشاريع نتفق دائماً على تركها في الأدراج حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
التعامل بواقعية، وبشكل عملي براجماتي، مثلا بالدعوة المستمرة لكبار المثقفين والإعلاميين الغربيين لزيارة بلادنا التليدة، أو بعمل محاور ولقاءات دائمة معهم ومع الأدباء وكبار الروائيين والشعراء الذين يؤثرون في الرأي العالمي الوجداني، وبدلاً من الصرف ببذخ على الأغنيات الهابطة، ولاعبي كرة القدم الموهوبين، وعلى الكرنفالات والمسابقات الهاتفية الكوميدية، يمكن توجيه هذه الأموال وجهة أخرى بشراء أوقات بث تليفزيوني في المحطات الفضائية العالمية للترويج للأماكن السياحية العربية، أو للأنشطة الثقافية بها وبدلاً من التلويح ب«إصلاحات» واهية، حيث لا يصلح العطار ما أفسد الدهر لدى العرب، يمكن التلويح بالتواصل الحقيقي النّدي مع الآخر وبيان الهوية، وطمس فكرة «الغزو الثقافي والفكري» من أذهان الناس، فالثقافات الراسخة القوية لا يتم غزوها أبداً.
فرصة ذهبية أمام العرب، لا تحتاج إلى اجتماعات أو لجان استشارية منبثقة عن لجان إدارية وهيئات بيروقراطية، فقط تحتاج لمتابعة ودأب وتواصل إعلامي وثقافي مع الغرب كحضارة مهيمنة في عالم اليوم.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved