رداً على محمد جبر الحربي الفتنة الثقافية لدى الحداثيين السعوديين!
|
( في غفلةٍ من الزمن....) هكذا أهاجَ الكاتب محمد جبر الحربي على الناقد محمد العباس الذي أنكر مشروعية الإبداع الشعري في الثمانينات؛ حيث اعتبره (قص ولزق) لم يسكبوا أرواحهم على أكتاف القصيدة ولكن استعاروا كل شيء من النص القديم وبالتالي لم يتطوّر المنجز الشعري في فضائهم بل أحاطوه بكرنفالٍ صاخبٍ لا يترقى لرغبةٍ عادية تؤنسن فطرتها بالجمال ولذلك كتب الحربي في المجلة الثقافية بالجزيرة كيداً بالعباس ورفاقه في 2612004م فاستعار عنوانَ النصوص الأخيرة التي أخرجها محمد الحرز فكانت (نقد.. أخف من الريشأعمق من الألمحول دلالات الوعي وتجلياته ) وألحقها بجملة محمد العباس حيث اشار إلى المجموعة الجديدة للحرز في جريدة الرياض في محاولةٍ لإثبات حضوره الواعي داخل النص الجديد طالما أتاحت اللغةُ دلالاتٍ تتوسلُ جرأة المتلقي في قصِّ شفرتها.
وعن المجموعة ذاتها تحاورت جريدة الوطن في 18 ذي القعدة العدد 1198 مع الحرز الذي أثارَ درجة الصفرِ بقولهِ (لو تكلمنا عن التخطيات المسبقة للكتابة، فهي بالنسبة لي تعتمد على مسألة الإيقاع في الحياة، بمعنى كل ما هو موجود من تجربة كتابية، هو انعكاس لإيقاعات متوفرة ضمنيا في الحياة، إيقاع على المستوى الجسدي، إيقاع على المستوى الشعوري الإحساسي، إيقاع على مستوى العلاقات الاجتماعية من منظور مختلف، وكل هذه شظايا من إيقاعات متعددة تعكس حالة الكتابة المرئية على السطح، هذا جزء من حقيقة التجربة على ما أعتقد.
وفي المواجهة التي أشعلتها منيرة الحسن بمجلة اليمامةِ كان العباس والحرز صارمين أكثر من النقد في حين التزم الخشرمي والألمعي بالمناضلةِ الحميمةِ للشعراء الروادِ الذين احترقوا في حُمّى القصيدة الأولى ومن هنا استقبل محمد جبر الحربي هؤلاءِ بالبكاءِ على الأطلال مرة أخيرة ولكنها طريقةٌ مختلفةٌ أرادها الحربي حرباً على العباس والحرز ود. معجب الزهراني وغيرهم لكن العباس قالَ ( لا يهم؛ لن أرد عليه فهو لا يستحق) فيما اعتذر الشاعر عبدالله السفر قائلا (لا دخل لي معهم) أما القاص خليل الفزيع فقد اتهمَ العباس والحرز بأنهما يعيدان إنتاج الماضي ويبالغان في تشويه الكبار على الساحة الثقافية التي لا تؤهل حضورهما واستدرك (لقد ابتدآ من حيث انتهى الآخرون) وهل هذا عيب؛ أم نأوي إلى خيمةٍ عتيقةٍ بالصحراء ونسترجع سويا (ذكرياتِ عنتر وعبلة) والذي أدري به أن الفزيع شاعرً اتقدّ وميضه أخيراً وهو في السبعين حيث أصدر ديوانين هما (قال المعنى 2002م وشم على جدار القلب 2003م) وأتذكره طالبا قديما بتسمية الشعر المتمرد على أوزان الخليل بالشعر الميت فربما يموت الشعر قبل أن يموت الإنسان إذا ألغيت النزعة الإنسانية عن الشعر الذي أراده ميتاً الأستاذ خليل الفزيع.... لكني أراهن على حداثةِ العباس والحرز فالمستقبلُ يتربّى على جمرهما؛ وإذا خليل الفزيع يصبو إلى شعرٍ متمردٍ يجرحُ صمتنا فهما بحق؛ في حركةٍ صاخبةٍ ترفعُ غبارَ المكان بإرادتهما. حاولت مشورة القاص فهد المصبح؛ كيف ترى المشاكسة الثقافية بين الحربي والعباس فقال (لم أقرأ) ربما أعفيه من همومِ الثقافةِ التي جعلتنا نتشوفها حرباً لسانية لا تتعدى روغان (دون كيشوت) الذي أتعبَ الطواحين حتى توهمَ أنه صرعها وحيدا وحيدا. ها هنا استحضرُ شجوناً لا أنكرها في حديث محمد جبر الحربي لما ردّ حول شعراء الثمانينات (جيلٌ لم يكن أقصى همه فذلكة كتابية، وحضور سرابي... جيلٌ حملَ همّ مجتمعه ووطنه وأمته وحمل هموم القادمين من بعده فساندهم من مواقعه وفتح لهم المساحات، كما فتح الطريق أمامهم) يعني أن العباسَ لا يقولُ حقا بل يتقوّل هراءً في فذلكةٍ كلامية وحضورٍ سرابي على خارطتنا الثقافية التي لا تثق بوجوده واستدرك (أن النقد يعاني من أمراض لا شفاء منها إلا بتنحي مدعيه وخروجهم من حياتنا الإبداعية) ما غايةُ الحربي في هذه اللهجة الإقصائية التي تذكرنا بالحرب الباردة التي سدّتْ الانفتاح اكتشاف الآخرين الذين يتمايزون في أفكارهم حيث انتخى ذات مرة غاستون باشلار) في منطقةِ الفكر، انعدام الحذر هو الطريقة (هل ننسى عقيدتنا في ضرورة النسيان القفزُ على ذاكرتنا الملغومة بالأحقادِ المبعثرة في تقاليد الفحولة..... كيف؟! ولم يتراجع الحربي قائلا (ونبدأ من د. معجب الزهراني الذي أجزم أن معرفته بالشعر أقل من معرفةِ طفلٍ في المرحلة الابتدائية عدا مراهنتي أنه لا يستطيع قراءة قصيدة قراءة سليمة فما بالك حين يمارس كتابتها فيخرج الجماد عن طوره (ماهذا الخطابَ اللاثقافي.... كيف يؤمن خالصاً محمد جبر الحربي بالمستوى الرفيع لطلبةِ الابتدائية فيما هو المتشائمُ من المناخ الثقافي المرتبك جداً كأنه يباهل العباس ورفاقه بمبارزةٍ كلامية حولَ الثقافةِ وأمجادها، وأشكُّ في قدرتنا على احتمالِ شغبٍ ينهكُ حالاتنا المهترئة. وقد تعرض الحربي لآخرين أمثال محمد الدميني ومحمد عبيد الحربي وفوزية أبوخالد وأحمد الملا حيث تحسر في نشرهِ إنتاجهم لما كان مشرفاً على صفحات اليمامة الثقافية ونعتهم بعديمي الموهبة والإبداع ولم يكتف بالإشارة إلى محمد العباس كأحدِ رموز نكبتنا الثقافية التي تناقض الدهشةَ الفنتازيا للحربي بمستوى طلبة الابتدائية فربما أرادهم لأنه تمكن من مستواهم ولم يتمكن من مستوى العباس ورفاقه لما أسبغ اللعنة اللا وافية لهم (إنهم يعيشون على موائد سركون بولص وخالد المعالي ونوري الجراح وشاكر لعيبي وأنسي الحاج وأدونيس وقاسم حداد) وطالما ساحتنا تتربى على الدياليكتيك الجدل، سوف يتباهى غدنا بأن الحريةَ فضاءٌ يتسلى بالأجنحة كذلك فالعباس والحربي وأتباعهما وأتباعي لن ننسى نصيبنا في تحريكِ الطاولة التي لم تنقلب بعد.
محمد الفوز
ص.ب 2639 الأحساء 31982
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|