تحية للثقافة و«الثقافية »
في ذكرى عامها الأول
|
أصدرت المجلة الثقافية جريدة الجزيرة يوم الاثنين العاشر من شهر محرم عدداً خاصاً بمناسبة مرور عام على صدورها.. وقد حفل هذا العدد بكشف حسابات الربح والخسارة.. ثم تقرير مجلس الإدارة (عفواً: أسرة التحرير) ممثلاً في مقال الأستاذ إبراهيم التركي مدير تحرير المجلة.. يوضح فيه المصاعب التي مرت بها خلال عامها الأول.. ولعل أبرزها عدم تجاوب المثقفين مع طلبات وتطلعات أسرة التحرير.. يناقضها تذمره من حيز الصفحات المخصصة للمجلة .. لدرجة أن لديهم مقالات لا تجد مساحة للنشر(..).
تمثلت حسابات الربح والخسارة في عدد المقالات (العدد في الليمون) التي تثمن جهود أسرة التحرير.. ومع ذلك لم تخل من عدم رضاها من تخصيص معظم مواد العام الماضي لسير بعض الرموز الثقافية.. وهذه أخالفهم فيها لأن الجيل الجديد من الشباب المثقف لا يجد بين يديه شيئا يذكره بالرعيل الأول.. وأحسب أن كتاب السير قد يحسنون صنعاً لو ركزوا على الظروف الصعبة التي صنعت هؤلاء الرجال.. لأن التركيز على الأسماء والمناصب قد يفقد الشخصية أهم مقومات تميزها... ويبدو لي أنني لست الوحيد الذي فوجئ بمرور عام كامل على صدور المجلة الثقافية (صدر العدد الأول يوم الاثنين 30121423هـ)فقد ذكر الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة بأنه فوجئ بطلب الأستاذ إبراهيم التركي منه كتابة مقال بهذه المناسبة.. وتختلف عوامل المفاجأة بيني وبين الأستاذ خالد المالك.. ولكن العنصر يظل واحداً.. لأن الروتين الذي تعودنا عليه يجعلنا نقلب صفحات التقويم بشكل آلي.. وهذه الآلية انتقلت للأسف إلى الفعل الثقافي.. وهذا يضطرني إلى فتح بعض الملفات وأولها:
الملاحق الثقافية:
حقيقة لا أدري متى صدر العدد الأول من ملحق الأربعاء.. وأقف أحياناً في ثنايا مقال هنا أو هناك عن ملاحق أصدرتها بعض المؤسسات الصحفية لدينا.. ثم توقفت دون ذكر أي سبب يعين المتأمل.. أو يروي عطش الباحث الظامئ..
وحده ملحق الأربعاء المستقل عن الجريدة الأم بقي الفارس الأوحد على الحلبة.. وأشكر المسؤولين في مؤسسة المدينة على التضحيات المالية.. وحرصهم الدائم على استمرار صدوره في كل الظروف .. ليبقى الملحق متنفسا وحيداً للمثقفين والمتثاقفين على حد سواء.. وشكرت أيضاً الأستاذ المالك على توجيهاته السديدة بإصدار المجلة الثقافية.. وأرجو أن لا تلقى مصير المسائية..
في الصفحة الثالثة من عددها الصادر يوم الاثنين غرة شهر صفر الجاري علقت أسرة تحرير المجلة الثقافية على تصريح منسوب للأستاذ عبد العزيز قاسم.. نشر في جريدة البلاد (لم أطلع عليه) بأنه يرحب بالمجلة الثقافية كمنافس قابل للتحدي .. وقالت إنها تفضل كلمة التكامل بدلا من التحدي.. ومن وجهة نظر شخصية أرى أن المنافسة لا تعني غير التكامل.. فلا نتصور نادي الاتحاد مثلا ينزل البساط الأخضر وحده دون منافسه التقليدي (النادي الأهلي) ولكن حسابات الربح والخسارة بين الناديين اللدودين يجب أن تختلف لدى الصديقين الحميمين.. لتنتصر القضية.. وليس فوز النادي على حساب اللعب النظيف. وقد لاحظت في الصحافة العالمية أن مقالا لو نشر في إحدى الصحف تبادر صحف أخرى إلى إعادة نشره مع ذكر المصدر لأهمية المقال.. بل نفس المقال يمكن أن تجده في أكثر من موقع على الشبكة العنكبوتية.. وهذه نفتقدها في صحافتنا المحلية.. لأن المحررين يشجعون هذا الفريق أو ذاك .. من منطلق التعصب الأعمى.. ثم يروجون للروح الرياضية (؟!) وشخصياً اعتبر أسرتي تحرير الملحق والمجلة أشقاء لم تلدهم أمي.. وليس بيني وبينهم خلافات على إرث أو مصلحة.. ولله الحمد.
إشكالية الثقافة:
سبق أن قلت إنني لا أنتمي إلى الحركة الثقافية .. وليس لي فيها ناقة ولا جمل.. وعندما أتحدث عنها إنما أمثل نفسي كقارئ عادي.. يحاول فهم ما يدور حوله قبل أن يتخذ أي قرار.
في منتصف الثمانينات الهجرية من القرن الماضي ظهرت الحداثة كمشروع ثقافي .. وقيل يومها ان المصطلح قد جاء ليقوض دعائم الأدب ويحل محله.. ولأني كنت يومها صبيا يهتم بلعب البرجون.. وبيع الطواقي على الحجاج لم أهتم بما يجري .. ثم ارتفع الضجيج.. فكان لابد من الاقتراب لمعرفة ما يجري في الساحة..
تحدثت قبل قليل عن نادي الاتحاد والأهلي.. والمنافسة بينهما.. وأعترف لكم بأن معلوماتي في الكرة هي نفسها عن الحداثة.. ومع ذلك يمكنني القول ان اللاعبين يتقاذفون كرة نشاهدها في الملعب أو على شاشة التلفاز.. ومرمى محدد يتم التصويب إليه لتحقق الهدف المراد.. ولكن في مسألة الحداثة وما تفرع عنها من مصطلحات مبهمة رأيت أشخاصاً يهرولون هنا وهناك.. بكل جد وحماس.. وبحثت عن كرة أو مرمى أو أي شيء يقوم مقامهما فلم أجد شيئاً(؟!)
اختفى الأدب بكل فنونه حسبما خططت له الحركة الثقافية .. وحسبت الأندية الأدبية قد استضافته داخل أروقتها.. حتى سمعت عن ندوة قراءة النص.. ولأني تلميذ بليد لا يعرف من الجامعة سوى سورها الخارجي فلم أفهم شيئا عن هذا الطرح.. وأكاد أجزم بأن المتنبي لو قال بيته المشهور (بتصرف يناسب القرن 21):
ولكن تأخذ (القرائح) منه
على قدر (المصالح) والعلوم
باللغة الأسبانية .. ربما كان للندوة مع هذا (النص) شأن آخر..
أزمة المثقف:
بحثت في المفردات الشائعة لدينا عن وظيفة أو مهنة بمسمى أديب أو مثقف.. فلم أجد سوى مفردة قديمة تقول: إن فلانا أدركته (حرفة) الأدب.. ولا أدري هل تعني المدح أم القدح؟ كما لم أقف على أسس واضحة يمكن بواسطتها لأي شخص الحصول على لقب مثقف.. قبل أن نصل إلى طبقة النخبة.. ولعل من أهم المسائل التي تواجه القارئ العادي هي مسألة الهوية الثقافية.. لأن الأسماء المطروحة على الساحة اليوم لا تزال تتأرجح بين مختلف التيارات المستوردة.. فبعد الناصرية أصبحت البوشيزم هي الموضة .. ولم يقدم لنا أي مثقف إنتاجا ينبع من ذاته أو المجتمع الذي ينتمي إليه.. ويفاخر به أقرانه لنفاخر به الأمم الأخرى.. والحديث يطول .. وربما رجعت إليه في مقال آخر بعنوان: صناعة الثقافة.. وعلى الله قصد السبيل..
عبد الرحيم بخاري
abdulrahimbokhari813@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
