كيف للعصفور أن يهرب من سجن المدى..؟ غادة عبد الله الخضير
|
(1)
في المسافات الطويلة تولد الفكرة..
وتتشكل..
وتنضج..
وتتناسل..
كأن الفكرة كائن يرفض فعل التوقف..
كأنها تحتضر..
وتقرأ موتها فيما هو آت.. عندما يصبج عمر المسافة قصيرا..!!
كأنها تختنق عندما تضيق الخطوة.. فلا ترشد صاحبها إلى هداية الكتابة..!!!
كأن الفكرة أنثى ترتدي السواد.. وعندما يعجز بياض الورق عن معانقة قامتها.. يصبح الأبيض.. كفن المفردة.. وحزنها الأتي..!!
كأن الفكرة تفقد حريتها... عندما نصل..!!
(2)
هذا الصباح..
تأملت عصفورا يحلق..
يهب لليمين جناحاً..
ولليسار آخر..
ويخترق..
تساءلت..
كيف يستطيع العصفور أن يهرب من سجن المدى..؟
أين نهايات حريته..؟
وهل عندما يصبح للحرية نهاية.. فإننا نعلن بهزيمة نهاية الحرية..؟؟
رأيت آخر.. يرفرف..
كأنه يتقاسم والفرح رغيفا ساخنا من ود..
تساءلت..
هل تصبح المسافة بين الأرض والسماء..
رحما تخرج منه العصافير.. إلى المدى..؟؟
هذا الرحم الأكثر أتساعا..
والمخاضاته كثيرة..
وحريته.. أقل..!!!
(3)
الحرية..
أن تصطدم بذاكراتك في مكان عام..
ولاتلقي لها انتباها..!!
أن تفقد الأشياء المبهرة رونقها..
وينقلب السحر على الساحر..!!
أن يعيد التاريخ نفسه فلا يجد سوى كسرة خبز جافة..
ورشفة ماء.. تكاد تغريها الشمس بصعود..
وخريطة مهترئة للعودة من حيث أتى..!!
الحرية..
أن تنجب اللغة..
لغة أخرى مختلفة..
لها طين من نور ونار..
وتتشكل من جديد..!!
(4)
المسافة عندما تمتد..
تجعل سجن المدى اكثر اتساعا..
وسجن المدى عندما يتسع..
يسمح بوهم الحرية..
والحرية عندما تدخل في وهمها العميق..
تنشط اللغة لتحررها من خرافاتها..
وعندما تنشط اللغة..
يصبح إحساسنا بالمسافة أكثر اختناقا..
لان اللغة.. مخاض..
والمسافات.. اجهاض.
وبين الموت والميلاد..
تتنفس الفكرة..!!!
ghadakhodair@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|