أصدر (البراق) و(الأضداد) واعتزل المعترك الثقافي محمد المنصور: الشعر في بلادنا ليس فناً.. بل هالة إعلامية وشللية زائدة
|
* الثقافية عبدالله السمطي:
منذ خمس سنوات اعتلى الشاعر محمد المنصور منصة قاعة الملك فيصل في إحدى دورات الجنادرية وهتف شعرياً: (راحلون.. مغرب الشمس لنا وجه حنون.. ما توكأنا على جمر ولم تقبض أيادينا السنون.. راحلون.. لو بكت أرض وقدت ثوبها شوقاً وقالت تكذبون). كان المنصور فوق المنصة في ذروة التألق، فهو قد عاد إليه نشاطه، حيث قام بنشر مجموعة كبيرة من قصائده، واصدر ديوانين دفعة واحدة هما: (البراق) و(الأضداد)، وهو في تلك اللحظة يخاطب جمهوراً عريضاً يوم كان للجنادرية بريقها، وهو يقرأ تساؤلات الحضور: من هذا الشاعر؟ أين كان مختفياً ثم عاد بهذا التوهج؟ ولماذا لم نسمع عنه قبلاً، هل تجاهله النقاد وهو أحد المبكرين في كتابة القصيدة الجديدة بالمملكة، كيف صعد إلى المنصة وأصبح اسمه مدرجاً ضمن النشاط الثقافي للجنادرية أيام أن كانت حلماً؟ تساؤلات كثيرة واجهت المنصور في أعين مستمعي قصائده، وكان الإعجاب الذي تجلى في كثرة التصفيق هو الرد الأول على قصائده المتميزة.
لم يكتب عن المنصور في المملكة سوى بعض النقاد، فيما كتبت مقالات عدة عنه في بيروت ودمشق والقاهرة.. الرجل اتخذ عبارة: (زمار الحي لا يطرب) وعاد أدراجه ثانية منشغلاً بوظيفته الإدارية، مقاطعاً الساحة الأدبية بمن فيها، رويداً رويداً لم يرن هاتف بيته كما كانت لحظات التوهج، لا أصدقاء الآن، ولا شعراء ولا نقاد.. اكتفى باستعادة الزمن الجميل القصير.. إنه يسكن بجوار مكتبة كبيرة على طريق الملك فهد، يقتطع بعض ساعات عمله، وأوقات الالتزام الأسري بقراءة ديوان أو رواية ابتاعهما من المكتبة المجاورة لبيته. فقط القراءة الآن تذكره بهذه الجلبة الإبداعية التي تتصدرها أسماء وأصوات مختلفة.
حاولت الاتصال بالمنصور غير مرة.. وجدته فجأة يرد، تغيرت نبرات الصوت نوعا ما، بيد أن الألق الروحي لم يغب، سألته: لماذا هذا الغياب؟! بتبرم شديد: (لا يوجد حافز الآن، لا يوجد طموح شعري حيث لا مساجلات ولا مطارحات وبالتالي يغيب الحافز، وتغيب المنافسة) وأضاف المنصور: (لو أن نقاد بلادي أعطوني وجهاً ربما كان لي شأن آخر، هنا في بلادي كتب عني ثلاثة نقاد لكن هذا لا يكفي.. وربما هناك إشارة من د. عبدالله الغذامي بإعادة النظر في الساحة الشعرية والأسماء المطروحة، حيث ذكر في إحدى مقالاته عن عبدالله الصيخان ومحمد جبر الحربي وغيرهما أنهم صعدوا إلى الساحة على حساب تهميش بعض الشعراء الآخرين، وفي سبيل مآربهم الشخصية).
سألت محمد المنصور عن العائق الحقيقي لبروز الشاعر في ساحة أدبية تكون مفتوحة غالباً، قال المنصور: (الساحة مفتوحة فقط على الشللية، ويتحدثون هنا عن الرواد لكنهم لا يتحدثون عني أبدا.. إنني حزين لأن العملية الشعرية في بلادنا ليست فناً، ولا هي ترتبط بآليات الفن بل هي هالة إعلامية، وشللية زائدة). رغم ذلك كله المنصور، فيما يذكر، لم ينقطع عن الشعر، (ما غبت عن الشعر بل أقرأه) و(سأنشر ديواناً شعرياً جديداً، ومسرحية شعرية، وسأحاول أن أخرج من بوتقة العزلة بعد أن شغلتني الحياة العملية) ويضيف المنصور: (المشكلة ليست في الحضور بل في نوع الإبداع وقيمته، إنني أحس عند كتابة القصيدة كأنها جبل ملقى على عاتقي أحاول تحريكه عبر جماليات جديدة.. ففي مستوى عمر معين يشعر المرء بأشياء أخرى وبحاجات جديدة).
هل يخرج المنصور من بوتقة العزلة حقاً؟ هل تهتم الساحة بالمبدع بشكل جوهري وحقيقي وتنأى عن الخلافات المصطنعة؟ هل يصدر ديوانه الثالث؟.. أسئلة تركتها له في المسافة الصامتة التي أعقبت الحديث القصير بيني وبينه.. تحتاج إلى لملمة يقينية جديدة.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|