"وصفة" لإنقاذ مجلات الأندية الأدبية من "أرضة" المخازن وفئرانها مطلوب الدخول في مرحلة جديدة تبدأ بمعايشة عصر الصحافة الثقافية
|
1
ماذا اذا دخل قارىء عام احدى المكتبات وطالع على الارفف هذه العناوين: "الآطام"، "بيادر"، "المختار"، "جذور"، "العقيق"، "قوافل"، "رؤى"، "مرافىء"؟ هل ستجذبه هذه العناوين لكي يتصفح ما تتضمنه؟ القارىء المسكون اليوم بعشرات المجلات الملونة فنية وشعبية ورياضية، اسبوعية وشهرية؟
هل ستصمد هذه العناوين في مخيلته كثيرا؟ وهو يجد الإغراء الاعلامي المثير في المجلات الملونة ولا يجده ابدا في هذه العناوين الصادرة عن الاندية الادبية السعودية؟
ان القارىء العام سيستغرب هذه العناوين التي تقله الى الماضي، والى عصور البكاء على الأطلال، ولعله يتساءل عن معنى: "الآطام" او "العقيق" وهل هي مجلات تهتم بالتراث ام بالجغرافيا ام بالمجوهرات الثمينة؟ ربما لن يفكر القارىء العام كثيرا، وسيعيد هذه المجلات الى أرففها بكل امانة وحدب.. لأنه لا يشعر ابدا ان هذه المجلات تخاطبه او حتى تعايش الزمن الاعلامي لا مادة ولا شكلا ولا إخراجا فنيا.
انها تذكرة بكتب التراث القديمة، تنقله الى عصر غير عصره، والى لحظة غير لحظته.
2
التكلفة المادية لمجلات الاندية الادبية عالية جدا، تتراوح حسب احد المصادر ما بين 8 آلاف ريال الى 70 الف ريال، مع ذلك تخرج في صور عتيقة بالية تجاوزها عصر الطباعة والصحافة الحديثة.
كذلك لا توجد خطة محددة لطرح قضايا ثقافية او معرفية متميزة تنجم عن صلب الواقع الثقافي الراهن، فهذه المجلات جميعا تتشابه في تكوين هذه المحصلة: "دراسات نقدية + نصوص شعرية وقصصية + عروض لبعض الكتب الجديدة" واحيانا يضاف الى هذه المحصلة حوار او ندوة.
بيد ان نوعية هذه الدراسات والنصوص والعروض، من النوعية التي لا تثير شيئا، ولا تحرك ساكنا في مشهد الثقافة المتوتر، نعم قد تقدم لنا لونا ثقافيا محددا، وتصفنا ازاء بعض النصوص الجديدة، لكننا الم نتشبع حد الثمالة بهذه النصوص في الملاحق الثقافية الصحفية، وبرامج الاذاعة والتلفزيون الثقافية، ودواوين الشعر، والمجموعات القصصية؟
إن القائمين على هذه المجلات مع حفاظ الالقاب العليا والدنيا لا يهتمون كثيرا بأمر هذه المجلات، لأن المقصد الاول.. ان تصدر، والثاني "أن توزع" والثالث "أن تعود للمخازن" والرابع "أن يسجل في تقارير النادي الادبي انه تم صرف عشرات الآلاف على مطبوعتنا الدورية، وهاهي تعود للمخازن لتوزيعها كإهداءات".
اذن "الصدور "بأي شكل من الاشكال وبأي عدد من الدراسات والنصوص هو المقصد الاول لهذه المجلات، ربما تتأخر المجلة في صدورها كثيرا او قليلا لكن هذا التأخير ليس للتجويد بل لان القارىء لا "يتلهف" على صدورها، وبالتالي لن يسأل احد متى تصدر، كيف؟
وماهي الموضوعات الجديدة التي ستقدمها؟
إن القارىء مستريح البال تماما، فأول عدد من هذه المجلات مثله مثل العدد الاخير منها: لاجدة، ولا موضوعات حيوية، ولا ابتكار في آلية العمل الثقافي الصحي، حتى الاكاديمي المتخصص لا يعنيه امر هذه المجلات كثيرا، فهو قد يطلع على المجلات الادبية العربية الاخرى وينهل منها ما يغنيه وما يحاور اسئلته، فاذا ما وصلت مجلات الاندية الادبية الى مكتبه كإهداء القاها جانبا واستراح قد نجد في مجلات الاندية الادبية "لمُعة" هنا او هناك، لكن معظم هذه المجلات وبعضها يطبع بشكل زاه قشيب مثل : "رؤى" لا تحفل ابدا بمسألة التميز الشكلي والمضموني والنوعي، مما يوقعها في التكرار والنمطية.. وليجرب احدنا ان يضع هذه المجلات جميعا امامه ويتصفحها في وقت متقارب.. هل يشعر بأية فروق.
في يقيني ان هذه المجلات تحتاج لقفزة تطويرية نوعية، ومع ولادة وزارة للثقافة و"الإعلام" فان التطوير يصبح ضرورة مثلي في هذا الاوان، بحيث يتم انقاذ هذه المجلات من "أرضه" المخازن وغبار التكديس والفئران، وفي اعتقادي ان هذه المجلات تحتاج لما يلي:
أولا: إيجاد كادر صحفي لهذه المجلات، قادر على ممارسة الصحافة الثقافية بشكل متطور، وتحويل القائمين على التحرير الى ترويسة المستشارين، فرئيس التحرير ومهماته تختلف تماما عن مهمات رئيس النادي الادبي.
ثانيا: تغيير عناوين ومسميات هذه المجلات، بحيث تصبح اكثر جاذبية للقارىء العام، ونحن نعرف ماهية " سيمولوجيا العنوان" ودلالته وقدرته على التوصيل، مع تغيير قطع هذه المجلات بما يتواءم والحالة الاعلامية الاتصالية اليوم، فعنوان مثل "الآطام" او "العقيق" "يطفِّش" القارىء من الوهلة الاولى.
ثالثا: الاهتمام بنوعية المواد الثقافية، واثارة القضايا الثقافية العامة لا الخاصة التي ترتبط بالمكان، والمجتمع، والهوية وايضا: العادات والتقاليد، والازياء والفنون المختلفة، اي تقديم الثقافة بمفهومها الواسع لا الاقتصار على نصوص الادب وحدها.
رابعا: استكتاب عدد من الكتاب والمفكرين والادباء وشرائح اخرى ممن يعملون في مجالات علم الاجتماع والنفس والفكر والعقيدة، فالثقافة كل متكامل، على ان يُستكتب الكاتب الذي له طرح جديد وجريء، لا الكاتب النائم على اريكة الاصمعي، وتكية ابي الشمقمق.
خامسا: تقديم مواهب جديدة باستمرار، وإلقاء الضوء على تجاربها.
سادسا: العمل بذهنية القطاع الخاص الذي يستثمر ادواته في عمل مربح ومفيد، واستثمار المطبوعة اعلامياً واعلانياً بشكل واسع، وتحويلها الى مطبوعة شهرية منتظمة.
هذه بعض الافكار البسيطة التي يمكن ان تساعد في تطور هذه المجلات وفي توسيع مقروءتيها ونطاقها الثقافي، وهي افكار بمثابة "وصفة" صغيرة قد تجدي في تقديم عمل نافع، وفي توفير اموال مبددة، وفي انقاذ هذه المجلات من عثراتها.
عبد الله السمطي
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|