الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 08th May,2006 العدد : 152

الأثنين 10 ,ربيع الثاني 1427

في رسالة من معجب الزهراني
أتمنى أن تكون ألواني انعكاساً صادقاً لوجداني

*إعداد: محمد المنيف:
التواصل مع الصفحات التشكيلية مطلب أزلي عانى منه كثيراً محررو الصفحات التشكيلية مما تسبب في شعور بعضهم بالإحباط ومن ثم التوقف عن التعامل مع الحرف والمقالة فكيف بمحررين ما زالوا يتعاملون مع قضايا الساحة بشكل مباشر بالنقد والتحليل وإبداء الرأي منتظرين تجاوب المؤهلين لامتلاك القلم الصادق والفعال في الساحة، مع ما يتحمله أولئك المحررين من ردود فعل قاسية يبثها أنصاف التشكيليين وفاقدو الثقافة والوعي بأهمية التواصل مع المساحات التي منحت لهذا الفن في الصحف تقديراً للإبداع الصادق ولمن يتعامل معه.
من هذا المنطلق ومع ما نحتفظ به في تاريخ الساحة التشكيلية من الكثير من النماذج المتفاعلة مع الصحافة والصفحات التشكيلية من أهمها الراحلان الرضوي والسليم ومساهمتهم بالقلم نقداً وتثقيفاً وتوعيةً بهذا المنجز تركوا لهم بعدها وميضاً وشموعاً لن تنطفئ في دروب الإعلام التشكيلي نجدها فرصة جميلة أن نستقبل من قرائنا الفنانين خاصة أو القراء المثقفين ردوداً وآراء وتصحيحاً لرأي تجاه مقالة أو موضوع نشر في هذه الصفحة، وكما استقبلنا رسالة معطرة بأريج الشام من الفنان الأستاذ محمد شبيب في أعداد سابقة نستقبل اليوم رداً وتعقيباً من عبير جبال جنوب الوطن الغالي لم يكن صاحبه الفنان معجب الزهراني يتوقع نشره أو أن يتلقى طلب الإذن منا في تقديمه للقارئ، لكن الأمر يتعلق بمصداقيتنا مع كل من لديه القناعة التي تسبقها الثقة في التواصل المعلن وليس التواصل المغلف وبما تحمله الرسالة من رقي في التعامل وشفافية في الحوار وفي قبول النقد دون شعور بالنرجسية ودفاع عن الذات كما نراها عند البعض ممن تحيط بهم الأنا ويزعجهم قول الحقيقة،دعونا نقرأ ما جاء في رسالة الفنان معجب عبر الإيميل:
- الصديق العزيز محمد المنيف أولاً كل الشكر النابع من قلب يمتلئ بالكثير من الألوان التي أتمنى أن تكون انعكست في أعمالي وكانت صورة أمينة لما في داخلي.
لقد قرأت بكل اهتمام ما كتبت حول معرضي، وإن كنت أتمنى لو كان الحديث حول أعمالي أكثر من ذلك، ليس لشيء سوى لرغبتي الصادقة في القراءة من أشخاص حياديين حول أعمالي، هذا أولاً، أما ثانياً فإنه في اعتقادي الشخصي أن الكتابة هي أصدق من الحديث الشفهي، حيث إنها تكون في الغالب متجردة من كثير من المؤثرات التي يمكن أن تحضر وقت الحديث الشفهي لأسباب قد يكون بعضها عائداً إلى عوامل غير مقصودة نجد أننا متخلصون منها وقت الكتابة.
صديقي العزيز أجد نفسي مدفوعاً لتوضيح بعض الأمور التي من واجبي بيانها لك والتي كان من المفترض حضورها وبيانها في وقت المعرض أو حتى من قبله.
أولاً المدة الفاصلة بين معرضي الأول والثاني هي سنتان كاملتان وليس سنة كما قرأت في الصحيفة، وأيا كان فإن الفاصل الزمني لا يمثل لدي الكثير من الاهتمام بقدر ما يمثله حضور الرغبة والتركيز التام على العمل، وإن كانت الخبرة البصرية مهمة جدا وذلك بإثرائها بالكثير من المشاهدات، أنا ياصديقي العزيز وفي هذه الفترات بالتحديد أحس بالشيء الكثير يتدفق ويندفع كالبركان من داخلي، ويخرج كأعمال فنية.
قد يكون سحابة ستفضي ما بها وتنتهي, أو قد يكون نهرا يتدفق ثم يجف بحلول فصل الجفاف أو قد يكون بحرا..
لست بصدق أعلم وإن كنت أتمنى أن تكون سحابة تفرغ حمولتها من مطر وبرد وبرق ورعد ثم ترحل بكل هدوء، لأنك تعلم كونك فناناً ماذا تعني
عملية الإبداع وكيف تخرج المشاعر، إنها عملية ولادة بكل ما تعنيه الكلمة من معاناة وألم! فمتى ما كان هناك تدفق من تلك المشاعر فليس لي سبيل لردعها أو إيقافها بل أتركها تخرج في لوحة أو قصيدة وإن كانت اللوحة أقل معاناة في بزوغها.
ثانياً فهمت أن هناك نوعاً من العتب كون الأعمال تحوي لوحات صغيرة داخلها, وتلك اللوحات مليئة بالرموز التي لا يصل إليها الفنان إلا بعد مراحل عديدة.. لقد كان معرضي الأول في أغلبه يحوي أعمالاً كبيرة تصل إلى المترين طولاً والمتر والنصف عرضاً وكان عددها يفوق عدد الأعمال ذات الحجم المتوسط تقريباً.
أحسست وقتها بأن هناك رغبة داخلية باللجوء إلى الأحجام الكبيرة من الأعمال كونها تعطي الفنان مساحة أكبر من الحرية للحركة وللتشكيل, وقد اعتقدت وقتها بأن لجوئي إلى تلك المساحات الكبيرة هو هروب ذاتي من الانحسار داخل المساحات الصغيرة لأن الكثير من الفنانين يهربون من الأعمال الصغيرة كونها لا تعطي الفنان مساحة كافية لحركة اللون وتدرجاته, ولا حتى للتعبير من خلال الشكل, فقررت أن أدخل هذه التجربة (الصعبة) وبمعرض كامل تركت الحكم مطلقاً فيه للمتلقين, واحترمت كل الآراء أياً كان مصدرها ونوعها.
لقد كان العمل داخل نطاق ضيق تحدياً حقيقياً حتى لتركيبتي الشخصية كوني لا أحب حتى على المستوى الشخصي الانحسار أو العيش في أماكن ضيقة أو مغلقة بل أحب الانفراج والفسحة والسعة والحرية.
أما بالنسبة للرموز التي لم يصل إليها الفنانون إلا في مراحل متقدمة فإنني يا صديقي لم أفكر في يوم أن ألبس عباءة أحد من الفنانين أياً كان ليس اعتزازا بذاتي بقدر ما هو إحساس صادق بأن الله خلقني شخصاً مستقلاً!
هذا جانب أما الجانب الآخر فإني وبكل صدق وفي أحيان كثيرة رموزي وأشكالي و ألواني هي التي توجد ذاتها دون إذن مني، وقد تستغرب كثيرا عندما أقول لك إن أغلب أعمالي وأقربها هي التي لا أخطط لها رغبة مني بأن تخرج بعفوية وصدق علها تعكس البساطة التي أعيشها في ذاتي.
إن أعمالي رغم تقاربها في الشكل ولكن صدقني كل عمل منها له مبررات وجوده التي تختلف قطعاً عن الآخر وكل منها يحمل مني جزءاً يختلف عن الآخر وإن كانت في محصلتها النهائية مجتمعة تكونني وتعكسني وتصور واقعي بالصدق الذي أبتغيه وأنشده منها، وأرجو أن أكون وصلت إلى ذلك.
لا تعلم كم تأثرت عندما قرأت أن رؤية عملين أو ثلاثة تكفي عن رؤية بقية الأعمال! لقد اعتقدت بل هدفت أن يكون كل عمل عالماً بذاته, هو رؤية مستقلة بذاتها, هي زاوية أنظر من خلالها للحياة تختلف تماما عن بقية الزوايا وإن كانت في مجملها التي تصل الأقصى بالأقصى هي نظرتي، هي رؤيتي.. لقد ذكرت فيما كتبت أن المعارض الجماعية هي المحك الحقيقي للفنان أو هكذا فهمت.. أنا لا أشارك في المعارض الجماعية ليس تعالياً مني على الغير ولكن أقول لك بكل صدق وأمانة تتطلبها الصداقة إنني مصدوم بواقع الساحة التشكيلية في بلدنا, وأقصد الفنانين بالتحديد لأني عندما اقتربت بشكل جدي من الفنانين رأيت البعض منهم فنه لا يعكس شخصيته الحقيقية, فأردت ألا تهتز الصورة بالكامل وبقيت مبتعداً ليكون الكل لدي كبيراً. ومع كل ذلك فإني سوف أرحب بالمشاركة الجماعية لو أحسست في يوم بأن تفسير ابتعادي سيؤول بشكل مغلوط.
في الختام لو لم أجد من إقامة معرضي ذاك إلا سؤال أصدقائي وتعرفي على أصدقاء جدد كنت أنت أحدهم فذلك يكفي.
وسوف آخذ كل ما كتبته عني بشكل جاد لأني أحب أن أسمع كل الآراء حول أعمالي مهما كان الشخص, حتى وإن كان الشخص غير متخصص فما بالك بأن تكون تلك الآراء من أحد رواد الكتابة التشكيلية.
كل الشكر لك وكل الحب..
 
معجب

monif@hotmail.com
 

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved