الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 08th May,2006 العدد : 152

الأثنين 10 ,ربيع الثاني 1427

وجوه وزوايا
أسئلة...وأسئلة!

* أحمد الدويحي:
وجوه كثيرة سنتذكرها، وينابيع عديدة ستنفجر؛ لتشكل قطر الندى في سماء الإبداع والمعرفة، وأسئلة ستظل مطوية في جبين القادم.
تداعي الواقع في الحكايات - أساطير الجهيمان نموذجاً، هكذا أراد المبدع عبد الله محمد حسين العبد المحسن أن تكون سياحته الفكرية العميقة، وقد عرفنا (السالومي) قاصاً رشيقاً واعياً، فكشف لنا بهذه الدراسة فقر الواقع الثقافي، والحاجة إلى دراسات مماثلة لمعرفة النفس البشرية، ومفتاحاً لمعرفة المجتمع والثقافة، وهذا ما جعل طه حسين يلتفت إلى هذا الموروث، ويشيد بقيمته التاريخية (الحياة الأدبية في جزيرة العرب)، منتقداً الموقف السلبي لأن العلماء في الشرق العربي لا يعنون بالأدب الشعبي، لأنه، وإن كانت لغته بعيدة، يظل قوياً له قيمة من حيث إنه مرآة صالحة لحياة منتجيه، وتعد الدراسة إضافة نوعية، تفتح آفاقاً جديدة في هذا النوع من الدراسات، لا يزال محدوداً في المكتبة العربية، بحسب رأي د. أبو بكر باقادر.
وتأتي الدراسة التي جاءت موزعة على ثلاثة فصول، متناولة في الفصل الأول مقاربة اجتماعية للبيئة والسكان والأديان والمعتقدات، ودراسة الحياة الثقافية في فصلها الثاني من حيث الأسطورة والقصص والأمثال والشعر والحكاية الخرافية والجان والحكاية الشعبية، وتضمن الفصل الأخير من منطلق تاريخي الموروث، مع إلقاء نظرة على الحياة الاقتصادية والرعي والصيد والزراعة والتجارة والقبيلة والأسرة، وكذلك حوار أجراه الباحث مع مؤلف الأساطير الشعبية في قلب الجزيرة العربية، لنعرف أن شيخنا الجليل الأستاذ عبد الكريم الجهيمان تسنى له جمع هذه القصص من أفواه كبار السن ذكوراً وإناثاً، ومن أفواه الجدات والوالدين والأصدقاء، ليبدأ عمليته الإبداعية، يهذب ويزيل ما لحق بما صار في حوزته من شوائب، بسبب التراتب الزمني وتعاقب الرواة.
والأسطورة، والخرافة، والحكاية، والسير والملاحم الشعبية، ستظل إرثاً إنسانياً يلجأ إليه الإنسان حتى إن استغنى عنه عقلياً بالعلم والدين، وستظل ترفل بكثير من الحقائق اليومية المعاشة بملامح البيئة التي تجري أحداثها فيها على حد تعبير د. سعد الصويان، وربما تعيد سرد روايتها، لما في أجناس هذا الموروث من المتعة والدفء والأنس، وتشطي الأسطورة لا يمحي وظيفتها الإنسانية القائمة، ومنها حقائق ذكرها القرآن الكريم، وأخرى أباطيل نفاها بشدة، ومن ممارسات الشعوب للأسطورة والخرافة، خرافة الرقم 4 التي ما زالت تجبر اليابانيين على إلغاء الدور الرابع من بناياتهم، والرقم 13 نذير شؤم عند الأوربيين، وما نقلته وكالة فرنس برس يوم 19 - 6- 2005م، أن الكاهن دانيال رئيس دير تانكو صلب الراهبة إيرينا مشيراً إلى العاصفة التي هبت أثناء دفنها، بأنها الدليل على إرادة الله التي تمت، وأن الله صنع المعجزة من أجلها، فقد خلصها الله من الشر، وما نقلته جريدة الجزيرة ع 11667 ت 15 شوال 1415هـ - 16 مارس 1995م، وكشف رئيس محاكم حوطة بني تميم للصحيفة تفاصيل مقابلته مع وفد الجن الذين حضروا إلى مكتبه، وكانوا متلبسين إحدى النساء، وكشفوا له أن سر سحر هذه المرآة مدفون في منزل إحدى المشعوذات، وقد نسق مع الجهات المختصة، وتم حرق البيت وإبطال السحر وإنقاذ المرآة وآخرين من السحر، وقال الشيخ: (إن الوفد قالوا إنهم كانوا يهوداً ثم أسلموا بفضل حضورهم حلقات العلم والقرآن)، ويضيف: (لقد سالتهم إن كانوا من شباب الصحوة؟ فقالوا نعم!)، ونفذ حد القتل بالساحر وحكم بسجن الساحرة.
ومرت الدراسة التي أمضى المؤلف أكثر من عشرين عاماً على مركز قطر الثقافي للتراث الشعبي، وكذا الناقد المعروف د. عز الدين إسماعيل حتى رأت النور، وإذ أنهب حروف هذه الدراسة الشيقة العميقة، تتناثر على شفتي عشرات الأسئلة، حول ما يصدر من بحوث ودراسات تنتج بجهود فردية، وتقوم على جهد أصحابها الذاتي، ومنها دراسة في هذا الخصوص للباحثة العلمية المتعمقة بدرية البشر (الحياة الاجتماعية في منطقة نجد قبل النفط) يتمنى الباحث أن تكون كتابا منشورا، لأنها تسلط الضوء على القيمة التاريخية والاجتماعية للحكاية الشعبية بشكل عام، ودراسات أخرى تصدر عن مؤسسات ثقافية، وبالذات الجامعات وغيرها، ثم لا نرى لها أثرا، فنكتفي بما تنشره الصحف بملاحقها الثقافية، بهدف سد حاجتها أكثر من رغبة إشاعة المعرفة الحقيقية والعميقة بين الناس.
أوووه.. تذكرت مقالة هذا الفارس الأبنوسي محمود تراوري، حين (داخ) نادي جدة الأدبي (سبع دوخات) في الأسبوع الماضي، ليجد صورة فوتوغرافية ضائعة، تستحضر عملاقا رحل من هذه الدنيا ولم يرحل فكره وفنه، لتكون مصاحبة لما ينشر عنه من أعمال لمنتدى النص الذي نظمه النادي للراحل حمزة شحاتة، ويخلص تراوري إلى أن في الساحة الثقافية أسماء سماهم ب (القشعمي، هاني فيروزي، عاتق البلادي، عبد الرحمن الشبيلي، عبد الله آدم) يمكن أن يكونوا في ظل الحراك الثقافي الراهن هم نواة لتكون وحدة (حفريات الذاكرة) في وزارة الثقافة والإعلام، للتنقيب في عالم مهن كثيرة، قبل أن تنقرض وينقرض روادها.
والوزارة وهي تخطو مجموعة خطوات، ولو لم تكن في مستوى الطموحات، والسنوات التي ظللنا فيها سنوات ننتظر التغيير، لا يمكن أن تقوم بما نريد ونحلم به، وهي تكرر كل يوم عبر مسؤوليها، أنها تصنع التشريعات الثقافية الأساسية لمجتمع مدني، وأن الثقافة يصنعها المثقفون، وهذا كلام صحيح لا غبار عليه، ويظل السؤال قائما: هل وصل الدور إلى مراكز البحوث والمجلات الثقافية؟ لنضمن أننا نركب عجلة التجديد، فهناك قافلة من الأسماء الجميلة في قطاعات مختلفة، وتكون تجربة الباحث الجميل عبد الله محمد حسين الماضية في إدارة النشر بمكتبة الملك فهد، خطوة لنواة في هذا الاتجاه؟، ويحضر تساؤل آخر حول طبيعة المجلات الأدبية والثقافية، وبالذات ما يصدر عن مؤسساتنا الثقافية، كمطبوعات الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون، وهي أكثر تدلسا وفراغا، بسبب تكلس القائمين عليها لسنوات عديدة، وليصبح إصدار كثير منها واجبا وظيفيا، لا عملا ثقافيا متعددا ومتنوعا يضيف ويفيد، ولست معنيا بذكر بعض تلك الإصدارات، فهي في مجملها تكلف مبالغ من ميزانية تلك المؤسسات الثقافية، فلا يقرأها أحد بعد صدورها، وقد أستثني إصدارات قليلة، منها ما يصدر عن نادي جدة، ولا يشكل كل هذا الحلم، وكل ما نريد أن تكون عليه حياتنا الثقافية في هذا الجانب، ولئلا نعيش القطيعة الثقافية بين الأجيال، وقد بدأت ملامح هذا الوقع تفرض نفسها، فلماذا لا تكون لدينا مجلات ثقافية محترمة، وقيمة على كثرة ما لدينا من إصدارات؟، أين نحن من مجلات أدبية كفصول المصرية، وعالم الفكر، ومجلة البحرين الثقافية، والثقافات، ودراسات يمنية، ومواقف التونسية، والكرمل الفلسطينية؟، وهي مجلات تصدر عن وزارات الثقافة، أو الجامعات في تلك الدول، دون شك وقد خطت قبلنا، ولو بخطوات قليلة في دروب المجتمع المدني، أين وأين؟ أسئلة عديدة تحاصرني، يتقلص فيها دور المال، وتنهض بطموحات وبجهد الرجال..!؟


aldwi7y1000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved