رابطة الأدباء ماذا نريد منها؟
د. حمد بن ناصر الدخيّل *
|
قرأت كما قرأ غيري أكثر من مقالة تدعو إلى إنشاء رابطة للأدباء في المملكة، ترعى شؤون الأدب والأدباء، وتدعم مسيرة الأدب في البلاد، وتسهم مع الأندية الأدبية في الارتقاء بمستوى العطاء الأدبي شكلاً ومضموناً، دراسة وإبداعاً ونقداً، وتتيح فرص التعارف والتعاون بين جميع الأدباء في أنحاء المملكة.
والحقٌّ أن إنشاء رابطة للأدباء يبدو ضرورة ملحة، لأنها ستتيح لفئة الأدباء الانتساب إليها والظفر بعضويتها، وتهيئ لهم لقاءات دورية وموسمية في جمع أدبي كبير تحفل بالمناقشات الأدبية والنقدية، وتمكن الأدباء من معرفة بعضهم بعضاً، مما يسهم في تبادل الخبرة والتجربة والإنتاج الأدبي، ونشاط الرابطة لن يتعارض مطلقاً مع نشاط الأندية الأدبية، التي تملك العزم، والوقت، والرغبة في العمل والبناء، إذ من أهم الأخطاء في حياتنا الإدارية والعملية أن تسند الأعمال التي تحتاج إلى جهد وتخطيط وإبداع ووقت إلى أشخاص مثقلين بأعمال أخرى كثيرة، فيتوزع الجهد، ويتجزأ الوقت، ويكون الحاصل ضئيلاً في جميع الأعمال.
يضاف إلى ذلك أن تكون بوابة المشاركة في النهوض بأعباء الرابطة مفتوحة لجميع الأدباء دون خصوصية أو تفضيل، فاختيار أعضاء مجلس الإدارة يتم وفق انتخاب نزيه، بعيداً عن أي مؤثر أو إيحاء، لكي تتحقق في العضو المنتخب، الكفاءة، والإخلاص، والموضوعية في العمل.
ولست بصدد الخوض في تفاصيل النشأة، فهي معروفة، لأن هناك أكثر من رابطة للأدب والأدباء في البلاد العربية، أقدمها رابطة الأدب الحديث في القاهرة، وكان اسمها قبل ذلك رابطة الأدباء التي أسسها الشاعر إبراهيم ناجي على أنقاض جماعة أبولو، ورابطة الأدباء في الكويت التي تصدر عنها مجلة البيان.
وأدرك أن رابطة الأدب الحديث في القاهرة يعتور مسيرتها عقبات، من أهمها قلة السيولة المادية في يد مجلس الإدارة، لأن معظم أعضائها المنتسبين إليها غير منتظمين في تسديد قيمة الاشتراك، وكثير منهم يكتفي بشرف الانتساب دون أن يدفع مليماً، وحفلات التكريم التي تقيمها أحياناً تكون دائماً على حساب المكرّم، فتقوضت برامجها، وغدتْ حبراً على ورق، لذلك فإن من الضروري أن تكون السيولة المادية متوافرة، لتنهض الرابطة المرتجاة بما يؤمل منها. وتوافرها ميسور إذا انتظم المنتسبون إليها في دفع الاشتراك السنوي، وكانت المعونة التي تقدمها الدولة والقطاع الخاص مجزية، ويمكن للرابطة إذا أحسنت إدارتها أن تنشئ لها مشروعات تجارية تستثمرها، وباب التجارة والاستثمار في المملكة مفتوح أكثر من أي بلد آخر، والربح مضمون لمن يحسن التخطيط.
نريد من الرابطة ألا تكون واجهة شكلية للأدب والأدباء، ولا بريق وجاهة لمن يبحثون عن الصفوف الأمامية، حباً في الظهور دون عمل حقيقي، ونريد منها أن تحقق ما قصرت عن تحقيقه بعض الأندية الأدبية، وتكمل ما تطلعت إلى إنجازه الأندية الأخرى، التي تستحق دون مجاملة لقب التميز والريادة، نريد منها أن يكون لها دور فاعل في بعض النشاط في حياتنا الأدبية، وإيجاد قنوات التعاون بين الأدباء وضم شتاتهم والارتقاء بمستوى الإنتاج الأدبي إلى القدر الذي يرضى به المتخصصون، والإسهام في نشر العطاء الأدبي من دراسات وإبداع، واتخاذ الوسائل المناسبة لإيصاله إلى القارئ في الداخل والخارج. ومن يبحث عن الوسيلة راغباً مخلصاً يجدها.
في الأندية الأدبية ننعم بالجلوس على الكرسي الوثير هذه الساعات القليلة، دون أن نبذل محاولة لتصريف الكتب المطبوعة التي تفهق بها مستودعات الأندية، ونكتفي بتوزيع نسخ منها مجاناً في بعض المناسبات، ونستمر على هذا المنوال حتى تنفد بعد سنوات عديدة.
لقد رغب إلي بعض دارسي الأدب ومحققي التراث في بعض الأقطار العربية تزويده بدواوين الشعر العربي القديم التي حققها سعوديون؛ لأنها لا تصل إليهم، ولا يجدونها في المكتبات، ولا يعرفون الطريقة التي يحصلون بها عليها، وهذا مؤشر على أن كتب الأدب التي تنتجها المملكة محدود الانتشار.
وأمام الرابطة كثير من الأعمال والمسؤوليات والبرامج الجديرة بأن تصرف إليها جهدها ونشاطها، لعل في مقدمتها فتح باب العضوية لجميع أدباء المملكة، واتخاذ السبل كافة لتحقيق ذلك، ويأتي بعد ذلك البدء في تنفيذ ألوان النشاط الأدبي وبرامجه، يدخل ضمنها رعاية المواهب وتوجيهها، وتشجيع الأدباء على الإنتاج الجيد، وإيجاد قناة قوية لنشر الأعمال الأدبية الراقية بعد مراجعتها وفحصها وتحكيمها، وإيصالها إلى القارئ في الأقطار العربية من خلال دار توزيع ذات قوة وانتشار، وتنفيذ ذلك يحتاج كما سبق أن أشرت إلى إدارة فاعلة، ومجلس إدارة نشط، وأعضاء يملكون الرغبة في العمل الجاد المثمر، والنهوض بالرابطة.
ص. ب 6687 ،الرياض 11452
فاكس 4501551
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
