الغربال أ.د. عبدالله بن محمد أبو داهش
|
لقد عظم شأن الكثير من مجالس العلماء التي كان يحضرها الناس للدرس، والإفادة العلمية، بما قد يفوق الخيال، يقول عمر بن حفص: (وجه المعتصم من يحرز مجلس عاصم بن علي بن عاصم في رحبة النخل التي في جامع الرصافة، قال: وكان عاصم بن علي يجلس على سطح المسقطات، وينتشر الناس في الرحبة، وما يليها فيعظم الجمع جداً حتى سمعته يوماً يقول: ثنا الليث ابن سعد ويستعاد، فأعاد أربع عشرة مرة، والناس لا يسمعون، قال: فكان هارون المستملي يركب نخلة معوجة، ويستملي عليها، فبلغ المعتصم كثرة الجمع فأمر بحرزهم فوجّه لقطاعي الغنم، فحرزوا المجلس عشرين ألفاً ومائة ألف)(1).
ولم يكن الخلفاء في تاريخنا الإسلامي يجهلون مكانة العلماء ولا يغمطونها حقها، بل كانوا يتمنون منازل العلماء، ويحبون مجالسهم، قال محمد بن سلاَّم الجمحي: (قيل للمنصور هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله، قال: بقيت خصلة: أن أقعد في مصطبة، وحولي أصحاب الحديث، فيقول المستملي: من ذكرت رحمك الله؟ قال: فغدا عليه الندماء، وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فقال: لستم بهم، إنما هم: الدّنسة ثيابهم، المتشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، بُرد الآفاق، ونقلة الحديث» (2)، وقال الرشيد في شأن العلماء: (نحن نموت ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر) (3).
ولقد قيل إنه: (لما قدم هارون الرقة، أشرفت أم ولد لهارون من قصر من خشب فرأت الغبرة قد ارتفعت، والمقال انقطع، وانجفل الناس، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عالم من خرسان، يقال له: عبدالله بن المبارك، فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هارون الذي لا يحمده الناس إلا بالسوط والخشب) (4).
الحواشي:
(1)السمعاني، كتاب أدب الإملاء والاستملاء 1/156.
(2) المصدر نفسه 1/162، 163.
(3) المصدر نفسه 1/167
(4) المصدر نفسه 1/163
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|