أسبوع رديء آخر
محمد عبدالرزاق القشعمي
|
إلى المهندس حمد بن عبد العزيز العيسى
تسلمت شاكراً أسبوعكم، بل أسبوعنا الرديء... متوجاً بإهدائكم (إليك بعضاً مما في نفسي! مودتي... 5-5-2006م الدمام).
وأنا أقرأ وقبل القراءة: أتصفح صفحات عملكم الجميل وأجده موزع الدماء بين كل القبائل فمن مجلة الطليعة الكويتية إلى جريدة القاهرة المصرية إلى أبواب اللندنية وإيلاف الإلكترونية وغيرها.. ومهدى للراحل النبيل شقيقكم محمد بن عبد العزيز العيسى.
حاولت أن أبدأ بالقراءة ولكن ما اختزنته الذاكرة عن جدكم حمد أو والدكم عبد العزيز رحمهما الله ومما يرويه أستاذي عبد الكريم الجهيمان من ذكريات عنهم تجعلني لا أستطيع التركيز على نصوص القصص التي يضمها هذا الكتاب بين دفتيه.
وقبل ذلك لقاؤكم ولأول مرة في أجنحة معرض الكتاب في البحرين قبل سنوات وبعدها ولمرتين في معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان لقاء عابراً وسريعاً لم أتمكن من أخذ عنوانك أو الطمع في لقاء مريح أطول لنسمعك.. وقلت لك إنني بصدد الكتابة عن جريدة (أخبار الظهران) وكان لوالدكم دور؛ إذ رأس تحريرها بعد عودتها للصدور إثر توقفها الذي استمر أربع سنين..
وجدكم حمد (سميّك) ودوره مع الملك عبد العزيز موحد هذا الكيان عندما كان يستقبله وهو يمر بشقراء في طريق ذهابه للحجاز أو عودته... واختيار الملك الشيوخ له وتوليه إمارة (ينبع) ومجيء أبي الصناعة المصرية (طلعت حرب) في زيارة تاريخية للمملكة. إذ أبرق الملك عبد العزيز لجدكم بأن يستقبل هذا الضيف ويكرمه؛ فاستقبله مرحباً قائلاً: أهلاً بسعادة البيه وكان المفروض أن يدعوه بالباشا فأسرها في نفسه.. وعندما فتح له باب السيارة الأمامي ليركب بجوار السائق رفض قائلاً هذا المكان لا يركب به إلا الأمراء مثلك؛ إذ كان المعتاد لباشوات مصر ومن يماثلهم الركوب بالمرتبة الخلفية للسيارة.
نعود للمجموعة القصصية (أسبوع رديء آخر!) ومع أول قصة فيها (هايد بارك) إذ كان كعادته عند زيارته للندن يتجول هناك ويستمع إلى الخطباء، فهذا إسماعيل فوق صندوقه الخشبي يلعن أمريكا لازدواجية المعايير لديها ويتبعها بريطانيا... وقال متهكماً: بأن كوفي أنان قد اكتشف بعد ثمانية عشر شهراً بأن احتلال أمريكا للعراق غير قانوني؛ إذ طالب بعودة بطرس غالي، وأنه يشعر بالخجل لكون جلده أسود مثل كوفي أنان. وتوجه إلى زاوية أخرى بالحديقة فوجد الباكستاني خان يخطب وضمن ما يقوله: هل عرفتم لماذا خلق الله المرأة؟
فذهب بعد ذلك إلى شخص يرفع لوحة مكتوب عليها: (سوف تزداد الأمور سوءاً) فسأله: ما هي هذه الأمور؟ فرد عليه: ليس مهماً أن تعرف.. واتجه لرابع يدعو إلى تحويل المملكة المتحدة إلى جمهورية ليتخلص من العائلة المالكة التي تكلف دافعي الضرائب بلايين الجنيهات.. اتجه بعد ذلك إلى من يخطب ويدعو للماركسية.. وخامس وسادس ينادي جلالة الملكة بأن تأمر الأسطول البريطاني بغزو العالم فوراً لكي يعود مجد بريطانيا العظمى؛ ولتحل جميع مشكلات العالم.
ولاحظ وجود خطيب بريطاني من أصل هندي كثيف اللحية ويرتدي ثوباً أبيض اللون إلى منتصف الساق، يخطب مبيناً أن الإسلام هو آخر الأديان السماوية، وتقف إلى جواره امرأة تبشر بالنصرانية وأمامها لوحة كتب عليها (يسوع هو المخلص)، وبعدها رجل بريطاني يحمل لوحة كتب عليها (كنيسة الإلحاد). وأخيراً وقف في حلقة الفوضوي رقم واحد توني وهو على كرسيه الصغير وهو يقول الأخوات والإخوة يجب علينا إسقاط كل السلطات في العالم. نعم.. كل الأنظمة بدون استثناء يجب إزالتها، إن الظلم والاستبداد مرادفان للسلطة مهما كان نوعها: رأسمالية أو اشتراكية أو دينية.. أو أي هراء آخر. إن الحرية يجب أن تبنى على أساس الإرادة الفردية المستقلة والمستمدة من عقد حر يبرمه الناس فيما بينهم.
وأخيراً سمع في جانب آخر من يتحدث باللغة العربية، فذهب ليكتشف أن هناك فريقين من العرب يتجادلان بشدة حول الغزو الأمريكي للعراق والموقف من المقاومة العراقية، كان عدد الجمهور كبيراً جداً وجلهم من العرب زادت حدة الجدال، ثم اختفت الأصوات، وحل مكانها الصراخ:
اصمت ياناصبي!
خسئت يارافضي!
أنتم وهابيون ظلاميون!
بل أنتم منافقون انبطاحيون!
تباً لكم أيها الرجعيون!
أنتم وعلاوي عملاء لأمريكا!
لعنة الله عليكم يا مجرمين!
التاريخ لا يرحمكم يا خونة!
وفجأة تطور الأمر إلى ضرب ورفس وبصق. تدخل رجال الأمن لفض الشجار بين العرب وساعدهم في ذلك هطول المطر!
فتح مظلته، وابتعد عن موقع الشجار وخرج من (الهايدبارك) وهو يتمتم (وداعاً قريش.. وداعاً كليب.. وداعاً مضر!).
هذا نموذج من النصوص القصصية التي يضمها الكتاب وغيرها مثل: انتخابات المهدي المنتظر بورتريه إنسان مرن ت ف ك ي ر إذا أردنا لتسقط أمريكا العظمة النار والبيضة أمانة الأستاذ سفلان المارد شكل ومضمون مانيلا..: عزيزي ماهو الجلد السميك دوت كوم أسبوع ردئ آخر! وبه يختتم هذه المجموعة القصصية الرائعة فهي تسلط الضوء على واقعنا العربي المزري، وتفضح الكثير من السلبيات بأسلوب انتقادي جميل (واللبيب بالإشارة يفهم).
أسبوع رديء آخر مجموعة قصصية صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت: ط1، 2006م، 186 ص.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
