لا بد من حلول قاطعة أمل زاهد
|
يبدو أن تسليط الاعلام الضوء على ظاهرة العنف الأسري التي ملأت روائحها الكريهة الآفاق بدأ يثمر ويؤتي أكله، فكشف الجحور عما يعج بها من سوس وعفن هو الطريق الأمثل لتطهيرها مما ينخر فيها.. والحلول لا تتوالد إلا من رحم إثارة الأسئلة وكشف المخبوء والذهاب إلى حيث المسكوت عنه لطرق أبوابه وكشف أسراره حتى نصل إلى حلول قاطعة وحاسمة لكل ما يمكن أن يؤثر على الخرائط الاجتماعية في بلادنا أو ما يشوه الأمن النفسي لمؤسسة الأسرة التي تشكل اللبنة الرئيس في بناء المجتمعات.
فالأخبار الساخنة على صفحات المجتمع في الجرائد ونشاط الصحفيين والصحفيات في إزاحة الستار وتمزيق الأحجبة عن حالات عنف أسري بشعة لم نكن نتخيل يوما أن مجتمعنا السعودي يضم بين طياته قصصا منها، نبه المسؤولين إلى ضرورة البحث في هذه الظاهرة ومحاولة ايجاد حلول لها. وحسب جريدة الشرق الأوسط العدد 10121 فقد باشرت وزارة الشؤون الاجتماعية التنسيق مع وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد للمساهمة في التوعية الاجتماعية المتعلقة بالعنف الأسري من خلال منابر خطب الجمعة.
ووضح عوض الردادي وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية أن مهام وزارة الأوقاف تكمن في تكليف أئمة المساجد بتوعية أفراد المجتمع كافة بواجبات الولاية وماهية التأديب في الشريعة الاسلامية. ومن الحلول التي تقترحها وزارة الشؤون الاجتماعية القيام بحملات توعوية للطلاب والطالبات بخصوص ذات الموضوع عبر زيارات يقوم بها مندوبون من الوزارة للمدارس، كما اقترح تضمين دروس في المناهج الدراسية ذاتها تتناول كل ما يختص بالعنف الأسري.
دون شك تعريف الناس عبر خطب الجمعة بهذه الظاهرة ومناقشة حيثياتها وايقاظ ضمائرهم واحياء الوازع الديني داخلهم ليعاملوا من يقع تحت سلطتهم وفي مرمى ولايتهم بما أمر الله سبحانه وتعالى من عدل وإحسان سيساهم في تحجيم هذه المشكلة ومحاصرتها وتطويعها ليمكن السيطرة عليها. كما أن القيام بحملات توعوية وتثقيفية لطلاب وطالبات المدارس وتعريفهم بحقوقهم وحثهم على رفض هذا العنف والوقوف في وجهه حتى لو صدر من أقرب المقربين، وايضاح الجهات التي يمكن أن يتجهوا لها إذا ما نهشتهم أيدي هذا العنف سيكون احدى الطرق المهمة لمكافحة هذه الظاهرة وكبح جماح انتشارها.
تعريف المعلمين والمعلمات أيضا بالعلامات والمؤشرات سواء منها المادية الظاهرة أو النفسية المستترة التي تدلهم على تعرض الطلبة والطالبات للعنف الأسري أو للتحرش الجنسي سيساهم في الكشف عن هذه الحالات والتعامل معها والتعاطي مع آثارها ومحاولة وقف استشراء سرطانها. فيجب أن يتوفر في المعلم والمعلمة القدرة على قراءة تصرفات الطلبة والإبحار فيما خلف أفعالهم ودقة الملاحظة للتغيرات فيما اعتادوه منهم سيساهم دون شك في الكشف المبكر لهذه الحالات وبالتالي الحد منها والقضاء عليها في مهدها قبل أن تمد يدها العابثة لتشوه نفوس هذه الزهور الغضة.
كل هذه الأمور مجتمعة ترسم خطوطا واضحة في طريق الحلول لهذه الظاهرة، لكن يبقى الحل الأكثر فعالية وحسما بعيدا عن الطرق وهو سن قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم العنف بحق أسرته وأطفاله. كما أن ترك الأبواب مشرعة ليتم تمرير الظلم لاجتماعي والحجر على الفتيات والاستغلال المادي لهن عبر ثقوب مفهوم الولاية المتسع الجوانب لا يزال بعيدا عن محاولة الاجتراح أو التناول، فلا يحق لولي أن يمارس أي نوع من الاعضال على ابنته أو وليته أو ممارسة العنف ليجبرها على قبول من يريده لها زوجا أو رفض من تريده هي زوجا.
ورغم استنكار العلماء في المملكة لذلك واستهجانهم له وقولهم بأن الفتاة يحق لها أن تشكو والدها أو وليها إذا ما أعضلها عن الزواج بمن تريد فلا تتوفر آلية تنفيذية لذلك.. واتساءل هنا كيف تستطيع فتاة أن تشكو أباً يساكنها نفس المنزل بل لا تستطيع أن تتحرك أو تخطو خطوة دون أمره ومشورته؟! وإنحدث وتمكنت الفتاة من شكوى وليها فمن يضمن حضوره إلى المحكمة وعدم تهربه من الجلسات المحددة لمناقشة القضية، كما حدث في قضية الطبيبة التي قرأنا قصتها على صفحات الجرائد والتي شكت والدها للمحكمة وكان يرفض حضور الجلسات، ورغم إثبات الفتاة لتعرضها للعنف والضرب منه إلا أن المحكمة لم تقدم لها أية حلول تساعدها على التخلص من قبضة ذلك الأب الظالم الذي طالبها بالمال كي يوافق على زواجها بمن تريد، ولكنه عاد للتراجع مرة أخرى. هذه المحكمة التي فشلت في تقديم حلول لهذه الطبيبة كي تتم زواجها وهي العاقلة الراشدة المسؤولة عن صحة مرضاها وأرواحهم، حكمت بتفريقها عن زوجها الذي اضطرت للذهاب إلى دولة البحرين لإتمام زواجها منه ولم تلق بالا للجنين المتحرك في أحشائها ولا لقدسية الرباط الزوجي ولا للآثار المترتبة على هذا التفريق!!.
قضية إمكانية تفريق أسرة متآلفة وزوجين متحابين مع وجود عدد من الأطفال الأبرياء لعدم التكافؤ في النسب والتي عرضت حيثياتها في أكثر من منبر إعلامي، تقف في وجوهنا كدليل دامغ على فضافضية مفهوم الولاية وعلى اتساع الطرق المتاحة لممارسة الظلم الاجتماعي والتي لا تجد من يوقفها عند حدها أو يقضي عليها في مهدها!!
Amal_zahid@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|