حكايات كان.. بيده مفتاح القدس! محمد بن أحمد الشدي
|
في كل عام.. يأتي رمضان. يأمل الكاتب ويتمنى أن لا يكتب إلا ما يناسب قدسية هذا الشهر الكريم، وأن يقترب من مكنون روحه المؤمنة وذلك بطرق مواضيع لصيقة بالتاريخ الإسلامي والعربي.
مثل هذا الموضوع الذي أمامنا (العهدة العمرية) يطرح السؤال: ما هي العهدة العمرية؟ كما هو معروف، هي الوثيقة، أو العهد الذي قطعه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأهل إيلياء وهي (القدس) وتبدأ هكذا (هذا ما عهد به الخليفة عمر).
وقصة هذه العهدة العمرية.. تستحق أن تروى وتنشر بل وتترجم إلى جميع اللغات ليعرف العالم ما يجب أن يعرفه عن السماحة والعدل والديمقراطية في الإسلام وليعرف أيضا أن ادعاء الصهاينة بحقهم في القدس هو ادعاء كاذب، وأن تهويدهم لها ولمقدساتها جريمة وعدوان سافر على المسلمين والمسيحيين على حد سواء.. حيث تضمنت هذه العهدة العمرية رغبة المسيحيين في أن لا يساكنهم اليهود في القدس لما يعرفونه عن فساد اليهود وحقدهم على الأديان.
وموجز قصة العهدة العمرية.. هي أن المسلمين بقيادة عمرو بن العاص، حين فتحوا فلسطين بهدف نشر الدعوة الإسلامية فيها بقيت القدس لم تفتح لمناعة أسوارها، حيث اعتصم أهلها داخل الأسوار، وعندما طال حصار المسلمين لها. قال رئيس البطارقة والأساقفة: إنه لن يسلم القدس إلا للخليفة عمر بن الخطاب.. فأرسل رئيس الأساقفة المسيحيين في القدس، فما كان من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلا أن تجاوب مع هذا المطلب حرصا على حقن الدماء، فخرج من المدينة المنورة هو وخادمه ومعهما ناقة واحدة فقط يركبها عمر مرة وخادمه مرة، وبعد رحلة طويلة شاقة وصل الخليفة عمر وخادمه إلى مشارف القدس.. وصعد صفرونيوس وبطارقته إلى أسوار القدس ونظروا إلى الرجلين القادمين.. فأخبرهم المسلمون بأنهما ليسا سوى عمر وخادمه.. فسألهم صفرونيوس: أيهما عمر..؟ فأخبره المسلمون: إن عمر هو هذا الذي يمسك بزمام الناقة ويخوض في الماء والوحل الذي أمامه ويومها كان يوما ممطرا وخادمه هو الذي يركب الناقة.. فذهل صفرونيوس والبطارقة.. حيث إن كتبهم تذكر منذ عهد المسيح أن هناك خليفة للمسلمين اسمه مكون من ثلاثة أحرف سوف يتسلم مفاتيح مدينة إيليا، ويكون ماشيا على قدميه عند وصوله إلى المدينة ويكون خادمه هو الراكب على الناقة لأن الدور له في الركوب.
هنا تأكد صفرونيوس وبطارقته من صدق ما ورد في كتبهم وتأكدوا من صدق الدين الإسلامي وعدالته وسماحته.. وفتحوا أبواب المدينة للخليفة عمر.. ولم يفكروا في أي مفاوضات، أو تردد حول تسليم مفاتيح القدس إذن لقد اقتنعوا بمساواة الإسلام وديمقراطيته قبل أن يجهر العالم بالعدل والمساواة والديمقراطية في العصور المتأخرة.
هذه هي قصة العهدة العمرية.. ومن ذلك اليوم والقدس للمسلمين والمسيحيين.. أما اليهود فهم ليس لهم فيها موطئ قدم.
من رامتان إلى عيون الجوى!
في وقت سابق من هذا العقد، عرض بيت أمير الشعراء أحمد شوقي في القاهرة للبيع والمسمى كرمة بن هاني. وكانت إحدى الدول العربية تنوي شراءه وتحويله ليكون مركز إشعاع ثقافي تابع لها في القاهرة. إلا أن وزارة الثقافة المصرية بادرت وتملكت ذلك العقار الذي يقع على كورنيش النيل الجيزة بالقرب من برج الرياض وبدأت الإصلاحات اللازمة لتحويله إلى متحف ثقافي.
وسوريا وجدت دارة لشاعر العرب الكبير أبو الطيب المتنبي فحولتها إلى مكتبة ومركز باسمه.
والمعروف أيضا أن مصر قد حولت منزل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين المعروف باسم (رامتان) إلى متحف ثقافي ورامتان اسم لجبل في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية؛ مما جعل بعض الأدباء وفي هذا العصر يطلقون العديد من الأسماء التاريخية على دورهم مثل: دارة بن حزم لدى أبي عبدالرحمن بن عقيل، ويمامة حجر، وغار المعذر في شمال مدينة الرياض، وعيون الجوى في القصيم هجرة عنترة العبسي، وأجا وسلمى في حائل مقر حاتم الطائي، وماوان وهو جبل يقع قرب حوطة بني تميم جنوب الرياض، وحارة جرول وهي محله في مكة المكرمة، وموقع ثاج وهي محلة قرب الأحساء على شاطئ الخليج العربي، وكهف التوباد وهو جبل في مدينة الأفلاج جنوب شرق مدينة الرياض شهد قصة غرام قيس وليلى.. وكذلك سقيفة بني ساعدة في المدينة المنورة.
وهكذا أصبحت هذه الطريقة لدى الكتاب العرب التي بدأها أحمد شوقي وطه حسين في بداية هذا القرن سببا لتخليد أسماء دورهم، وتحويلها إلى مراكز ثقافية تنبض بالحياة، وتستقبل طلاب المعرفة الذين يتوافدون على المكتبات والأجنحة الخاصة بتلك الشخصيات الفكرية التي أعطت لهذه الأمة الكثير من فكرها.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|