قصة قصيرة فهد المصبح
|
سأغني معه
أليكم حكاية رجل عظيم, عشق الأرض بذوق سليم, أرضه مباركة, تربته مخصبة, مياهه وفيرة، غير عابئ بأي شيء يصرفه عن حب الحياة, يغني في غدوه لبستانه وحين يعود مساءً لأهله, قناعته إذا تنكر للأرض لن يرسل نورا ولا إلهاماً ولا مطراً بل سيرسل الخراب, لم يصدقه أحد.. حينها تركوه يغني لقناعته.
ذات يوم وهو عائد يغني, رأى من بعيد ملامح بلدته قد تغيرت, البيوت متهدمة. هبّ للنجدة, الأرض تناديه: (استمر في الغناء, لا تدعها تبكي) اقترب أكثر فأكثر.. في الأنقاض عينٌ شامخة نحو السماء, ونصف جناح ينفض عنه التراب, وفم يتأهب للغناء.
الدمام 1427هـ
***
رثاء البحر
مدخل
(صياد نسيه رفاقه على الشاطئ فجلس يرثي نفسه)
سأزعم أنك تعرفني وأني أعرفك, سأزعم أن كلينا لا يعرف الآخر, سأزعم كل هذا وأنتظر القادمين من بردة المنافي..
يقولون رجلاً ألقى قنبلة, سمم كل الكلمات.. ألبسوني قناعاً وتركوا وجهي في الطرقات.. سأزعم حدوث هذا عندما أُسقطت المقلمة.. وحوش الغاب تهذي بلغة الشوارع.. الأحصنة ألقت لجامها عند المدخنة.. تتعلل بالشوق الموغل في القدم.. يفتك بالأدمغة.. يتجذر زعمي الأمكنة.. يلقي على ظهري كاهله.. سأحاور الوحوش نهارا.. قبل مغادرة الروح هجير الأسئلة، ومحراب العبارة المتآكلة.. سأزعم كل هذا فصدقوني، فقد ألفتُ الكذب منذ الصغر.
مخرج
(سيارة قديمة مهملة على الشاطئ ابتلعت الصياد وراحت في سبات لذيذ)
الدمام 1427هـ
| | |
|