قصة قصيرة ابتسم عمر سعيد باجمعان
|
لكم كره مناحي تلك الشامخة بأعينها الثلاث التي تنتصب على رؤوس الشوارع فتسمح وتحذر وتمنع. فكم من مرة أخرته عن عمل مهم، وكم من مرة حاول عصيان أمرها فيفاجأ بمن يتعاطف معها، ويكون في صفها وتكون عاقبته خسارة مادية وتأخيراً ليس بالبسيط، وها هو الآن في سيارته الفارهة التي تقف متوسطة بين سيارتين أكل الدهر عليهما وشرب. التفت يمنة فإذا كهل لفتت هيئته نظر مناحي فرغم أن وجهه متغضن مليء بالتجاعيد إلا أن ابتسامة بسيطة غطت التجاعيد وكست الوجه نضارة تريح الناظر، ثم التفت يسرة فوجد عمالاً مكتظين في السيارة المجاورة له، وهم يتبادلون الكلمات الضاحكة، وانتشلته من تفكيره الابتسامات المشرقة من وجوههم مما حداه بأن يبتسم، كانت هذه الدقائق القليلة كافية لتغير حياته ولشد ما تضايق عندما علت أبواق من خلفه حاثة إياه بأن يتحرك، وفي هذه اللحظة بالذات تمنى لو أن المنتصبة أمامه تنسى عمليها السماح والتحذير، وتركز على النهي ولكن هيهات مما جعل مطيته تنساب على المسار الأسود حتى تصل لمقر مجموعته.
لن يستطيع أحد أن يمنع رداء الاندهاش الذي تلفع به كل الموظفين من صغيرهم إلى كبيرهم بسبب الابتسامة التي لم تفارقه بعكس الأيام بل الشهور بل الأعوام الماضية التي لا يتذكر أحد ممن عمل معه أنه تبسم.
في اليوم التالي وجدت لوحة متوسطة الحجم تأخذ مكانا رسمياً على الحائط الذي يستند إليه موظف الاستقبال ازدانت بكلمات أشبه بالأمر لكل الموظفين:
«من لا يبتسم ليس له مكان عندنا».
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|