في مسألة الحراسة علي العمري
|
تلك القِيادُ، رِباطُ السَّلب، أخْذُ الواحد من حاله كيف ما كان، اليقظة، والمعنى مشْدُوداً بين اثنين أو يزيد، آن يشْتدُّ على غيره أحدٌ، يمتلك الزِّمامَ، ويكسر معرفةَ كائن كان سيعرفُ، ذلك الذي يُحرْسُ من حارسٍ، فيكون المحروسَ، من يسرحُ أو يروح لا كما يشاء، من لا يفلتُ حتى في المنام، التابع، قاطن الخَلْف، المُنهك، ذو الحاجة، الأخْرس، القاصِر ولن يبلغ، من تضجُّ أضداده الباطنة في الصدر فيُضمْرُ. ذلك من يَثْقُل عليه المعنى تحت السَّطْوة، الهالة، الخوف، تحت الطاقة يمارسها الآخذ ذو القدرة، من فاز بالهيبة، الحارس، من كله الوظيفة في مسألة المحروس، لكن لِم القياد، لِم الزمام ذاته، لِم الثَّقيلُ من الحراسة والخفيف؟
العلاقة بالفوضى، بالمخلب يستره دائما العاجزُ ويسْحَلُهُ دائماً القادرُ، ألكي تؤنْسنَ الغريزةُ في الحيوان، أم لطبيعة في الحارس بما هو أبٌ لا على الحقيقة وحدها بل وأيضاً في المجاز؟ ثم كيف يحتمل أشدَّ اليقظات الحارسُ آن لابد يحرس، يحتلُّ من المحروس مخارجَ النَّفَس؟ ماذا لو انقطع الزمام، لو وعى المُنْقادُ فداحة الحال فأفْلتَ؟ المحروسُ من لا شكَّ دائمُ الوساوس، الباحث عن الثُّقْب في الصخرة.
لكن ولئلا يُقصدُ الدلالةُ مشحونةً بالعُنف فقط فلا يُرى من الحراسة إلا أقْبحها، ألا يمكن للمُتفكر إدراك عديدٍ من الحراسات تختلف في النوع، ألا تكون حراسةً تُشْفق على المحْروس فتحرسه، وأخرى تحبُّ فتحرس، إذ لربما كان المُحبُّ لمن يحبُّ هو الحارس كما أنه هو المحروس، إذ لعاطفة تمازجت الحراسة بين ذاتين فيصبح كل طرف حارس الآخر والمحروس منه.
الأرجح ان الحراسة أخذ، إنها القوة تَسْلب من الكائن الصميمَ، الحراسة تعْطيلُ المعرفة، كما ان الحارس هوَّةٌ، فكرةٌ تلِجُ الكائنَ، تستوطن الروحَ، مَنْبعُ النِّقْمَة، حين يتوسَّع المجازُ فيغدو الحارس ذاته الحراسة فلا فرق، يصير كل واحد حارساً يكمن لغيره ليتعدد الحراس وتتعدد الحراسة ويختلط المحروسون بأضدادهم، كما يَكْمن في الواحد ذاته «الأنا» تحرس أو تقْهر «أنا» غيرها، لينفصم الكائنُ وتعجُّ الأرض بالحُرَّاس، لذا فالأرجح أنها القَسْوة وما يمتُّ بالصلة للقسوة كالعُنْف، البغضاء، الألم، الحقد، وقرينه الحسد، إلى آخر حالات تتكبَّدها كائنات تحْرس وتَنْحرسُ مُغمَّسةً في العذاب.
alialamari2000@yahoo.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|