تعايش الثقافات مشروع مضاد لهنتنغتون
|
*تأليف : هارالد موللر
ترجمة: إبراهيم أبو هشهش - بيروت: دار الكتاب الجديد 2005
سجل الكتاب (تعايش الثقافات : مشروع مضاد لهنتنغتون) حضوراً طاغياً في قوائم المبيعات العالمية، حيث احتل مقدمة الكتب الأكثر مبيعاً لا سيما في ألمانيا بعد أحداث 11سبتمبر. كما حظي باحتفاء كبير من قبل النقاد والمحللين، وامتلأت المطبوعات التقليدية والإلكترونية بقراءات مسهبة عنه.
في هذا الكتاب يطمح الباحث الألماني هارالد موللر في كتابه (تعايش الثقافات: مشروع مضاد لهنتنغتون) إلى تقديم رؤية لعلاقات الحضارات الإنسانية مع بعضها، وبما يشكل بديلاً عن مقولة صدام الحضارات التي أطلقها هنتنغتون في العام 1992م.
لكن موللر، المتخصص في شؤون نزع التسلح في الأمم المتحدة، لا يبدو كمن يقدم رؤية متكاملة متسقة المعالم، نظرياً وعملياً، إذ إنه يستغرق في تقديم رؤية (بانورامية)، للتحولات السياسية التي حصلت في العالم منذ عقد التسعينيات، أي بعد سقوط جدار برلين وبدءاً بأمريكا اللاتينية ومروراً بالشرق الأوسط وانتهاء بدول جنوب شرق آسيا.
ينتقد موللر الدور القيادي الذي تحاول الولايات المتحدة الاضطلاع به، والذي يعود بشكلٍ كبير إلى غياب التأثير الجماهيري داخل الولايات المتحدة على قرار السياسة الخارجية الأمريكية.
بل إن الإدارات الأميركية المتعاقبة كانت تنجح باستمرار في جعل مجتمعها يسير خلف سياستها القيادية، عبر الاستخدام الأمثل للإعلام ولوسائط التأثير الجماهيري.
ينتقد موللر نظرية هنتنغتون في صدام الحضارات بحدة، ويعدد مثالبها وأخطاءها الرئيسة، ويكشف مدى الخلل التفسيري الذي تسقط فيه لدى قراءتها الكثير من الثقافات والحضارات، لا سيما أن عملية التحديث أصبحت أشبه بالمسار الكوني. فالتحديث يتحدى الثقافات التقليدية، وأمام هذا التحدي يتحطم التماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي. فالتحديث ينتزع التطور الثقافي من مساره الوئيد ويدفعه إلى انتهاج سرعة خطيرة.
ويمكن للقصور الذاتي للمجتمعات أن يكون كبيراً، لكنه لا يصمد أمام الضغوطات المادية للتحديث، ذلك أن جميع الثقافات سوف تنخرط في تحولٍ جارف ومؤلم أيضاً. وهذا التحديث، الذي يترافق مع صيرورة تاريخية يطلق عليها العولمة، سوف يؤثر بلا شك في بنية الدولة أو في فهمنا على الأقل للدور التقليدي الذي تلعبه الدولة. إنها نهاية لدولة القوة وولادة لما يسميه موللر (الدولة التجارية)، التي تتميز بانفتاح الحكومة على الاقتصاد، والاشتراك مع الجهات ذات الاهتمام في تشكيل أهداف سياسة خارجية تسعى إلى أولوية واضحة للعلاقات الاقتصادية في مقابل مسائل القوة والأمن، ومن خلال السعي نحو إنفاق في الحدود الدنيا على التسلح.
فالدولة التجارية تتيح نشوء ما يسمى (بعالم المجتمع) الذي ينقلنا إلى مستوى آخر من العلاقات الدولية، ينشأ إلى جانب عالم الدول الذي كان سائداً في السابق. ذلك أن نفوذ المجتمعات لا ينحصر فقط في تأثيرها على سياسة حكومتها الخارجية فقط، ولكنها تتضافر معاً متجاوزة الدولة.
والمنظمات غير الحكومية العابرة للقوميات هي العلامات الأكثر جلاء لهذا التطور، وهذا ما يحرّض على بروز قيم إنسانية موحدة، على رأسها الديمقراطية. إذ لم يعد يوجد بلد لا يُحكم ديمقراطياً يخلو من منشقين أو منظمات أو جماعات تطالب بالديمقراطية، والاتصالات العابرة للقوميات بوسائل الاتصال الحديثة تشجع هؤلاء على إجبار بلدانهم على دخول (العصر الديمقراطي). وانتشار الديمقراطية اليوم هو واحد من أهم علامات التقارب بين الثقافات والفرص أمام حوار عابر للثقافات، إن لم يكن أهمها إطلاقاً.
إن موللر يرد إذن بشكلٍ غير مباشر على هنتنغتون الذي ركّز على تفرد الغرب في خصاله الكونية، مبيناً أن الديمقراطية أيضاً هي التي تتيح للحضارات جميعها أن تتعايش بدل أن تتصادم.
يقع الكتاب في (342) صفحة من القطع العادي.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|