صلب عيسى عليه السلام التاريخ والوهم
|
*تأليف: جبوري الشريف
الجزائر: المؤلف 2005
كيف تستطيع أن تقنع أخاك الكتابي أن عيسى عليه السلام لم يُقتَل أو يُصلَب؟
هذا هو موضوع الكتاب، حيث تشكل قضية الصلب بالنسبة للمسيحي قضية حيوية واعتقادية مهمة جداً، فهي النبأ السار الذي تنبأ به أنبياء بني إسرائيل وهي خلاصة الإنجيل وذروة سنام عمل المسيح، ومعنى البشارة بملكوت الله، ولأجلها تجسّد ابن الله ونزل من السماء في شبه جسد بشري ليموت على صليب العار مكفِّرا عن خطايا البشر.
ونُظمت إصحاحات الإنجيل حولها، وكل إنسان غير مؤمن بموت المسيح ليس له خلاص وهو مدان تحت عبودية الخطيئة.
وقبل كل هذا هو حدث تاريخي وقع على عهد بيلاطس البنطي والي الرومان على اليهودية.
وقد شهد التلاميذ بوقوعه وتنبأ الأنبياء به واتفق الخصوم عليه ودونته الإدارة الرومانية في وثائقها الإدارية ونقله التاريخ لنا واحتمل آباء الكنيسة القدامى الموت حرقاً من أجله، وأبرزته جميع أسفار الإنجيل. وعاش به ومن أجله ملايين المسيحيين منذ أكثر من ألفي عام.
هذا ما يعتقد به المسيحي، فكيف يصدق الكتابي رجلاً أمياً خرج من برية العرب ليقول للناس: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)، ثم بعد كل هذا ما العيب أو الغريب في صلب يسوع؟
ألم يذكر القرآن الكريم في عشر آيات على الأقل أن اليهود قتلوا أنبياءهم؟..
قال تعالى: (لقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقّ).. (181) سورة آل عمران.
أمام هذا البون الشاسع بين القرآن والإنجيل في تفسير مسألة صلب عيسى، وفي ظل غياب أية أبحاث من قبل المسلمين في هذا الشأن، وجد المسيحي الإجابة الشافية في الإنجيل: لم يكن المسلم أول من استعظم الصلب على المسيح المخلِّص، فقد استعظم كذلك على تلميذه سمعان بطرس وقال له: (حاشا لك يا رب! لن يكون لك هذا)، فأجابه يسوع حسب زعم الإنجيل: (وقال لبطرس اذهب خلفي يا شيطان فقد صرت لي شكا لأنك ترى كما يرى الناس لا كما يرى الرب. (متى 16، 21، 23 ص 8-31)، لقد وسوس الشيطان - كما يرى المسيحي ويعتقد - وأوحى إلى الحواريين أن هذا الأمر ممتنع الحدوث، وهكذا يفسر المسيحي موقف المسلم من مسألة الصلب.
ما تقدم كان حيثيات رتبها المؤلف للدخول إلى موضوع كتابه، حيث يقدم في المتن عبر عدة فصول جواباً لكل ما تقدم، مدعوماً برؤيته حول ما يجب أن يُفهم من قضية صلب يسوع وموقف القرآن الجلي من ذلك، يقول المؤلف: (إذا أردنا أن نفسر لماذا ينفي القرآن الكريم صلب عيسى عليه السلام، فعلينا أن ننظر للمسألة في سياقها الديني والاجتماعي، فنبي الناصرة عليه السلام إسرائيلي بعثه الله إلى شعبه إسرائيل، والفكرة المحورية في هذه القضية هي أن شريعة التوراة التي هي ضمير الشعب لا تعلق رجلاً على خشبة إلا إذا كان مجرماً أو كافراً بالله تعالى، فإذا نجح خصومه في صلبه فقد مسوا مصداقيته وأقنعوا الناس أن هذا الرجل ليس إلا تلميذاً للشيطان، لم يفعل عجيبة من عجائبه إلا بقوة بعل زبول، ويعني هذا من بين ما يعنيه أن الله تعالى قد انهزم ورسوله - تعالى الله عن ذلك عُلوا كبيرا - وإذا ثبت من التاريخ أن رسالة سيدنا عيسى عليه السلام استمرت واشتد عودها بعده، فلا تفسير لها سوى أنه لم يصلب..!!
وهذا ما حدث بالفعل، ففكرة المسيح المصلوب نجحت لا بين اليهود إنما بين الوثنيين من الإغريق والرومان لأنها فكرة قريبة من عقائدهم لكنها بين شعب يسوع فضيحة وجهالة...).
هذا كان ملخصاً قصيراً للإشكالية الدينية والسياسية والاجتماعية لمسألة صلب عيسى عليه السلام منذ أكثر من ألفي سنة، والتي ناقشتها فصول الكتاب بإسهاب.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|