في ديوان (أبجديات الروح) للشاعر حمد الرشيدي: قصائد الديوان شعر مدوزن على مقامات العاطفة
|
*عبدالحفيظ الشمري
إشارة:
* أبجديات الروح والجسد (ديوان).
* حمد حميد الرشيدي.
* الاسكندرية - (ط1) 2006م.
* يقع الديوان في نحو (50 صفحة) من القطع العادي.
في استهلال شعري مألوف يطل الشاعر حمد حميد الرشيدي على القارئ بديوانه الجديد (أبجديات الروح والجسد)، حاملاً في ثنايا عرضه الشعري مفردة الوجدان العربي الذي يستهل قصائده في هذا البعد الحميمي مع المكان والرجال، ليجد القارئ أن القصائد الأولى تحمل (الوطن) و(الرياض) و(خيبر)، فهي إشارة قصد فيها الشاعر إثراء خطابه الافصاحي على هذا النحو.
القصائد التالية لهذه القصائد جاءت مدوزنة شعراً خالصاً، على مقامات الحب، والعاطفة حيث يظل الانسان هو الرمز الأصيل في ثنايا مطارحات الإنسان.. تلك التي لا تخرج عن صور عميقة موحية كقصيدة (قيثارة الشرق) حينما يرثي الشاعر الفنان المغنِّي طلال مداح، لكن هذا الرثاء لم يكن لمجرد شخص إنما لما عشقه من فنه الجميل.
تتواصل قصائد الديوان في سياق عفوي عام لا يتصدى فيها الشاعر لأي قضية ما لم يكن له رأي واضح فيها ففي قصيدة (مقهى البلوت) نجد أن الشاعر صور علاقته بالناقد الدكتور عبدالله الغذامي من خلال رؤية عميقة تصف المشهد القوي للأديب الصامت في صخب الحياة الضاجة بمتناقضات الحديث في المقهى الذي لا تفتر ألسنة رواده من البوح، والثرثرة والطلبات التي لا تنتهي للماء والشاي والقهوة والأراجيل.
لم تغب صورة الطفولة عن قصائد الديوان.. فهذه قصيدة (البتول) تحمل ولع الشاعر الرشيدي في رسم صورة الفرح العارم حينما استقبل الشاعر طفلته البتول بعد انتظار دام قرابة عقدين، فقد جاء الوصف عفوياً محملاً بفيض مشاعر رائعة:
كثيرون من أحببتهم وعرفتهم
ولكنما أنتِ التقاءُ المودَّاتِ
(الديوان ص19)
تراوح قصائد ديوان الرشيدي بين التوسط والقصر في إيحاء يذهب نحو البناء الشعري الفاتن، لنرى الشاعر وقد صور هموم الانسان البسيط بأفضل ما يكون من لغة الشعر الرائعة.
فكل قصيدة لها ايقاعها الخاص، واللغة الخاصة إلا أن هناك رابطا وجدانيا واحدا في هذه الهموم التي يتناولها الشاعر، لنراه وقد صور عشقه للأرض التي درج عليها وعاش سني عمره بحثاً عن الذات والقوت في وقت لم يتخل عن حبه للأرض التي تعد الحب الأول والأخير:
(أذكريني..
أينما مادت بك الأرض الفسيحة
واعرفيني
إنني ذاك (الشمالي) الذي تهفو
إليه البوصلة..)
الديوان (ص35)
يطرز الحب عنق القصيدة، ليشع من ذلك الجيد الباذخ بريق الوجد والشوق حيث يؤول الحكايات إلى ما يشبه البيان الفاتن عن أسرار علاقته بالجمال الذي يرسم أحيانا بوجه امرأة مليحة، أو مهرة كحيلة، أو غزالة رشيقة.. أو إلى روض أخضر تكثر فيه الطيور المغردة، فلغة الشاعر الرشيدي في هذا الديوان تتلوى حكاية الفرح بالجمال، والشوق إلى عناق ما هو جميل وآسر.
الإبداع لدى الشاعر حمد الرشيدي يتمثل في قدرته على تقديم رؤية شعرية صادقة، وغير متكلفة؛ تصل إلى القارئ بكل يسر، لتصبح حالة التلقي باحثة دائما عن الفكرة التي تأتي بشكل سلس، فجميع قصائد هذا الديوان، وما سبقه من نتاج شعري للشاعر لا يخرج عن هذا المفهوم المتميز لفن الشعر الذي لا يقبل الايغال في الغموض، كما أنه لا يرضى الافصاح الواضح والمكشوف.
قصائد الديوان الأخيرة جاءت شارحاً لمواقف إنسانية مرت بالشاعر، فهو الذي يكشف حجم ولعه بالجمال في قصيدة (مهادنة)، فيما يصف وجدانيات القلب العامر بالود على هيئة خطاب شعري نحو المرأة التي تشكل بعداً عاطفياً آسراً للشاعر كما في قصيدته (اضطرابات وجدانية)، فيما يختم الشاعر الرشيد ديوانه بمقاطع يعارض فيها مقولات الشاعر العربي أبوالعلاء المعري في لزومياته، لنجد أن حجم الولع لدى الرشيدي بشعر الرواد، والسابقين هو منهل غزير لا ينضب، فما أجمل أن تتقاطع تلك التجارب مكونة هذه اللوحات الشعرية الفاتنة.
ثقافة الشاعر حمد الرشيدي تنطلق من حب غامر للأرض النائية، وللصحراء التي تختزن أسراراً عميقة يجهد الشاعر في رسم بعض تفاصيلها، فقد يكون مجرد تعاطيها أو ملامستها جمالاً يدهش حينما تصاغ في شعرية متميزة على نحو هذا الديوان للشاعر الرشيدي.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|