القرعاوي.. وذكريات التواضع البيروقراطي محمد أبوحمرا
|
أول مرة عرفت فيها أبا طارق كان في التسعينيات الهجرية، كنت يومها مصححاً في جريدة الرياض وهي في مبنى قديم في حي المرقب، لا أدري عن التاريخ
بالضبط، لكن يومها كان مسؤولاً عن الجريدة، وكنا كأسرة واحدة في خلية نحل، أسماء كثيرة ووجوه أكثر من الأسماء التي عرفتها، عبدالله القرعاوي، صالح
الصويان، تركي السديري، محمد الشدي، حمد القاضي، أسماء كثيرة وكنت أعمل مع رجل مخلص في التصحيح اسمه عبدالعزيز، وكانت الحروف بالرصاص
وتصف، وكان شعبان «يمني» هو الذي يقوم بذلك ومعه غيره، كان مكتب أبي طارق لا يختلف عن مكاتبنا يومها، وكنا ذات ليلة قد أوقفنا الطباعة لتلقي
خبر مهم ننتظره، فكان بيننا كواحد منا لا كمسؤول، وتوظفت في جامعة الرياض «الآن جامعة الملك سعود» ودار جدال بيني وبين زملائي حول كلمة
«الإعلام» هل هي بالفتح أم الكسر، وكنت أرى أنها بالكسر، لأنها من أعلم يعلم أي أخبر يخبر اخباراً فهي إعلام لا أعلام، ولم يقتنع زملائي فاتفقنا على
ان نُحكِّم مدير الإدارة الأستاذ عبدالله الحمد القرعاوي، ذهبت إليه فقال: كلامك أنت هو الصحيح.
فرجعت إلى زملائي فلم يصدقوا!! عدت إليه وقلت: أكتب أنت الكلمة ووقع أيضاً!! فقال: باللهجة العاميّة: وش محرق رزّك؟ فقلت بيننا حق يا أستاذي.
كتب مؤيداً لي، وحينما ناولني الورقة قال مازحاً: هاه لا تنسونا من الحق!! دارت الايام وانقطعت عن أستاذي، ثم عنّ لي أن أزوره وهو وكيل وزارة
الصناعة والكهرباء، ولا أخفيكم سراً أني قدّمت فكرة وأخرت أخرى، لأني أعرف البيروقراطيين وسكرتاريتهم التي لديها «كليشة» تقول: عنده اجتماع..
حتى ولو كان غير ذلك، المهم أتيت إلى مكتبه وخجلت جداً من الرجل أن يقف عند مدخل مكتبه ويستقبلني، وعند الوداع يخرج معي إلى الممر مودعاً
وهو يكرر كلمة «هل من خدمة تريدها» هذا الموقف أسجله بكل حب ووفاء لأبي طارق الذي يستحق الاحترام والتقدير لعلمه وأدبه الفكري والسلوكي،
ولأنه إنسان سحق البيروقراطية أيام ان كانت مزدهرة.. أتمنى له الصحة وطول العمر وكل الخير والحب.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|