أهلاً بأكثر ما تعجَّبَ سامعي |
وذكرتُها وظفرتُها في مَسْمَعي |
شوقاً بأكثر ما ترنَّم طائرٌ |
يلهو بأغصان الفؤاد المهطِعِ |
ليتيمةٍ أخذت مجامع قوَّتي |
واستعذبتْ لغةً تثير توجُّعي |
وفضيلةٍ ضاء الجمالُ بحسنها |
وبها شدا ثغرُ الزمان المُوجَعِ |
فتبوَّأتْ عرش الهوَى بسريرتي |
وقضت على عجز الكلام الطيِّعِ |
ووهبتُها بين الجوانح دارةً |
أفياؤها وسماؤها من أضلعي |
ورضيتُها هيمان يطربني الرضا |
تقتاتُ من خفقي وتشربُ أدمعي |
وغرستُها وسط المشاعر نخلةً |
شمَّاءَ فيها الكبرياءُ ومطمعي |
فرعاءَ مثمرة الجبين تَميرُني |
نوراً وَشَا في غَيْمتَيَّ ومَرْتَعي |
ويزينُها كِبْرُ العُلا مَلأ الإهاب |
وقد تحلَّى بالجمال الأروعِ |
وتجودُ بالرمق الاخير تَعاظُماً |
لمن استوى ولمُحْتَفٍ لا يدَّعي |
وتضجُّ بالكره الحقيق لمفْترٍ |
ولمن سعى وتقنَّع الوغدُ الدَّعي |
ياليتها تصفو وتجعلُني الفدا |
ياليتها وهي السعود لمطلعي |
هي دُرَّتي ومنارتي وسقيفتي |
وشواطئي ومؤالفي ومُشيِّعي |
أتلذ لي سِنَةُ الكرى ومزاجُها |
وهي التي بحضورها ليست معي؟ |
مَنْ لي وقد فاض الفؤاد بجمرها |
وأقضَّ سلطان المواجع مضجعي؟ |
فلقد نظمنا النجم عقداً نافراً |
عن مثله حول المنيع الأتلعِ |
هل لي إليها ان مشيتُ وقُرْبتي |
فوق المحيَّا بالأصول وأفرعِ |
ناء الأسير بمن نأى وسؤاله |
أين المُصيخُ لما أبين ومُسْمِعِي؟ |
قلبُ المحبِّ مبشِّرُ ومُبَاركٌ |
وأعوذُ من قلب المُشاع البلقعِ |
إنِّي لأذكرها وأذكرُ مدَّها |
مدَّ الجنان إلى الجِنَان الأسرع |
مدَّ الضياء إذا تنفَّس صبحُه |
مدَّ الكريم إلى الكريم المُمْرِعِ |
بَانَ الهوى عن مقلتيَّ كما أتى |
لمَّا درى أني إليها مُرجِعِي |
وتملَّكتْ نفساً تعفُّ على النوى |
لِتَموتَ صبراً في الضريع المُسْبِعِ |
بالله أحلفُ صادقاً وصراحةً |
أني بما قد قلته لا أدَّعي |
إني لأربحُ حبها وخسارتي |
في حبها مثل القرين الألمعي |
إنْ يمرض الحبُّ الجميلُ فلن يمت |
وهو الذي لا يُشْترى من بيِّع |
أو كان في الحب المباح خطيئةٌ |
فخطيئتي حبَّ المباح الممتعِ |
بعضُ الأنامِ ببعضه مَلَكَ الحمى |
وأنا الذي بَعْضَاً خَسِرتُ بأجمعي |