عبدالله حمد القرعاوي.. أديب أخفاه الزمن فهيد فهد الشريف
|
كتب لي الأستاذ ابراهيم التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية بجريدة الجزيرة الغراء طالبا مني الكتابة عن أديبنا عبدالله بن حمد القرعاوي الذي سماه
(المتوارى) وشدد في طلبه بقوله (فلعلنا نقرأ بكم ومعكم الوفاء في زمن بلا ذاكرة) وبقدر اغتباطي وسعادتي بهذه المبادرة التي لا تتفق مع ما رآه من قوله
الوفاء في زمن بلا ذاكرة وأكاد أصحح أن هذه اللفتة الطيبة هي نقيض ما يقوله فالزمن بذاكرة والوفاء وإن قل فهو موجود، صحيح انه لا يزاحم هموم
الدنيا الأخرى بمثل قوتها ولكن ما زال فيه مجال ومكان وللمشاعر والأحاسيس الإنسانية.
لذا فإن ما أكتبه عن الأديب القرعاوي (أبو طارق) لا يمثل إلا جزءاً من هذه المشاعر وغيري الكثير يستطيع أن يسطر بمداد المحبة والوفاء كتباً لهذه الحصيلة
الحميدة. وانني إذ أشكر للجزيرة وملحقها المتميز أقول:
إن معرفتي بالأستاذ عبدالله القرعاوي «أبو طارق» بدأت منذ بداية العمل في وزارة الصناعة والكهرباء قبل أكثر من ربع قرن وأنا للتو أبدأ العمل الإداري
والمهني في وزارة ناشئة تحتاج إلى الكوادر والخبرات في جميع المجالات التي تختص بها وكان الأديب أبو طارق في ذلك الوقت يعمل في جامعة الملك سعود
مديراً للإدارة العامة على ما أذكر إلى جانب عمله مديرا عاما لمؤسسة اليمامة الصحفية والتحق بوزارة الصناعة والكهرباء وكيلا للشؤون المالية والإدارية
حيث بدأنا ومعنا معالي المهندس محمود طيبة والاستاذ أحمد التويجري والمهندس يوسف الحماد رحمه الله وغيرهم كثير ومعذرة لعدم ذكرهم وذلك برئاسة
معالي الدكتور غازي القصيبي نضع أسس واختصاصات ومهام الوزارة وأعمالها وحفرنا في الصخر ونقشنا في الحجر قطعة من التعاون والتآلف والمحبة وكنا
فريقاً واحدا متحدا جعلنا من وزارة الصناعة والكهرباء جهازاً نموذجياً صغير العدد كبير المهام انجزت في مجالي الصناعة والكهرباء ما تحتفظ به ذاكرة التاريخ
والناس في مصلحة الوطن وهذا ليس مجال الحديث في هذه المقالة إنما أردت أن أبدأ بما بدأنا به فعلاً منذ ذلك الحين.
كان (أبو طارق) يمثل انسانا بكل معنى الكلمة وعلاقتنا به وعلاقته بنا ذات مستوى عال فهو لا يغضب ولا يحنق ولا يجافي ولا تظهر عليه الانفعالات أو
التشنجات مكتبه عامر بروح العمل والأدب والشعر وكنت في ذلك الوقت احاول جاهدا أن أقرض الشعر وأكتب الأدب ولكن رئيسنا الشاعر الأديب
يرفض المحاولة والمزاحمة لقد اكتشفنا أن عبدالله القرعاوي أديب ولكنه مقل وشاعر يحتفظ لنفسه بما يشعر به ولم يكن يزاحم الأدباء علنا وإن كانوا يعرفونه
جيدا إلا أنه يتوارى دائما في داخله كان يحدثنا دائماً عن تجاربه وخبراته في مصر عندما ذهب للدراسة ومقابلاته واتصالاته مع أدباء مصر وصحفييها
وعلمائها وكنا نتمنى عليه أن يكتب هذا المخزون من الذكريات على الورق لتكون نوراً ونبراساً للأجيال اللاحقة يتعلمون منها فليس من حقه أن يحتفظ
بها لنفسه ولكن كان يرفض بشدة ويقول إن ما لديه من خبرات وممارسات وما تجود به قريحته من شعر وحسن الكلام لا يصلح لأحد وأنه لا يرقى إلى
مستوى النشر والكتابة وهذا تواضع منه وشيء من تركيبته النفسية والأخلاقية.
لقد كانت اللقاءات مع أبي طارق ومع الأديب الحبيب حمد القاضي (أبي بدر) تمر سويعات للتجلي والتحدث وكنت أنا المستمع والمتلقي والتلميذ في
مدرسة العلماء والأدباء والمربين ومازلت انها مرحلة عمر انقضت ولكن ذاكرتنا بقيت ومع مرور الزمن كل ذهب الى سبيل حاله في الحياة المادية المتشابكة
فالأديب عبدالله القرعاوي انتقل الى مجلس الشورى وأنا انتقلت الى المؤسسة العامة للكهرباء وبقية الزملاء تاهوا في أرض الله الواسعة كما نحن.
إن أباطارق مدرسة وإن كان قليل العطاء بطبعه أو هكذا يظهر فهو أديب وشاعر ومعلم وموظف متمرس وفوق ذلك فهو ذو أخلاق عالية ونفس طيبة
وعلاقات اجتماعية متميزة.
ونرجو أن يتمكن بعد كل هذه السنين أن يجود هو أو خلصاؤه بكتابة ذكرياته وتجاربه فهي مرجعية للأجيال التي لم تعش فترة الخمسينات والستينات وما
لحقها وهي مرحلة خصبة بالأحداث والحوادث.. لعل وعسى.
مستشار وزير المياه والكهرباء
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|