الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 4th August,2003 العدد : 23

الأثنين 6 ,جمادى الثانية 1424

قصة قصيرة
صندوق البؤس
مصلح جميل
أخرج من عالمه المظلم، بعد اختيار عشوائي، تاركا وراءه رفقاءه الذين حسدوه على رحيله إلى العالم الفسيح، وبقوا متراصين فوق بعضهم، محشورين داخل أكياسهم البلاستيكية، يتمنون أن يتركوا المخزن المظلم ليمارسوا وظائفهم ويكتشفوا ما يجري في الجوار.
أما هو فسعادته لا توصف بعد أن علق بالسور الخارجي للفيلا، يشاهد المارة كل صباح ومساء، يراقب الحياة من حوله بنهم، نظافته ونقاءه تشدان العيون إليه وقلبه ينبض بالفرح والسعادة، رغم ما يرمي به من نظرات الحسد من المارة كل يوم..
>>>
مضى أسبوع قبل أن تبدأ الجريدة بالوصول بشكل يومي بعد العقد المبرم «اشتراك سنوي في جريدة الحقيقة اليومية». بعد صلاة الفجر يرفع غطاء رأسه ويقذف بالجريدة داخله ثم ينتشلها أحدهم بسرعة كل صباح. خلال تلك السويعات يبقى يتحسس تلك الأوراق التي بجوفه، يقلبها ويتفحصها ويتعجب من الصور التي تحملها.
قل اهتمامه بالمارة، يبقى في دوامة من الأفكار حتى صباح اليوم التالي، لتأخذه أخبار جديدة وصور غريبة إلى عوالم أخرى لا يفهمها.
مرت الأيام وأشعة الشمس تترك لها آثاراً على الكلمات التي نقشت على جسده، والأتربة والغبار أخذت في التكاثر عليه، الأنظار أصبحت تقذفه بالشفقة والحزن، الجروح توزعت على جسده، أصبح لا يهتم بمن حوله، حائراً تفكيره بما يجري، بقلق ينتظر الصباح وبخوف يبتلع الأوراق التي تحشر بفمه كطفل يرفض الطعام.
أصبح يشبه المارة كثيرا، لا أحد يهتم بالآخر. لو تمكن من الهرب لانطلق إلى ما لا نهاية، لكن مسامير غرزت بظهره جعلته يلتصق بالجدار ولا يبرح مكانه، الجريدة لا تهتم به وبما يعانيه من آلام وهموم، تنام في جوفه بكل فوضى، وتجعل دماءه تختلط بدماء الذين «تعتصرهم» بين صفحاتها ملطخة الجدار بخيوط حمراء اللون.
عندما أوشكت السنة على الرحيل، أيقنوا بأنه سيسقط قبل انتهائها، واعتقدوا بأن هزاله وضعفه هو بسبب طعنه في السن.
>>>
انتهت السنة، توقفت الجريدة عن الوصول، وبقي معلقاً بالجدار، فأخذ شبابه وصحته يعودان إليه وبكل شفقة ينظر إلى المارة كل يوم.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved