قصة قصيرة تمنيت أن أكون محمد عطا الله العنزي
|
اتجه نحو النافذة.. وقف قليلاً.. تذكر عبارتها التي تقول: (تمنيت أن أكون محبتك للأبد).. ما زالت تلك الكلمات ترن في أذنه.. منذ رحيلها.. فيما قطرات المطر تضرب زجاج نافذته المجاورة لتلك الشماعة التي طالما عانقها ثوبه..
وقف حائراً.. كان ينظر من النافذة.. لا ليرقب من يعبر أو ينظر إلى تلك المناظر التي تمرّ به.. ولكن لينظر إلى صورة وجهه التي لاحت له باهتة منكسرة يكسوها القلق في الزجاج..!! كأنما هي (لوحة) تركت معلقة تعبث بها (قطرات) المطر بل تتراقص على حدودها وتنساب من خلالها عبثاً وحرقة..
راح في شيء من الكسل يرقب ملامح وجهه الدقيقة هذه عينه التي دائماً ما كانت تقول له (محبته): أرى عينيك مليئة حزناً وشحوباً فهي تشبه ملامح رجل أضنته الغربة!! لن يضايقه قولها ذاك حتى وإن وصفته بأقسى العبارات.
ما زال يريد أن يعترف لها.. بأنه هو سارق الصورة.. يريد أن يقول إنه هو الذي وضع الصورة أسفل المكتب.. ولكنه خائف من أن يبوح بالسر فتكون علامة سوداء في علاقته.. ما يمنعه هو ذاك العهد الذي قطعه على نفسه بأن يكون صادقاً معها في كل الظروف كذلك عهدها له وتهديدها له بأنها إذا أحست بشيء به رائحة الكذب والخداع ستقرر انسحابها من حياته.. صراع داخلي مؤلم يعيشه، قرر الاعتراف لها بأنه كذب عليها مراراً.. حمل نفسه يريد إخبارها بما حدث، ولكن سرعان ما طارت الفكرة من رأسه بعد تذكره آخر حوار دار بينهما حينما قالت: صدقك معي جعلني أبوح لك بما يكتنزه هذا الصندوق!
قال لها: لم أشعر يوماً من الأيام بأنني كذبت وأخفيت الحقيقة عن مسامعك!!
قالت: أرجوك دعنا نعيش الحب بكل معانيه نزين به هذه الأيام.. ليكون الصدق أحد أبوابه!
قال لها: مهلا.. مهلا معك أعيش لحظات الصراحة وتجلياتها!
قالت: نتعاهد على الصدق ومن يخل بشرطه يقطع حبل الوصل من جذوره!
قال لها: لكِ ما تريدين.. سيكون عنواني الصراحة والصدق قبل الكلام!!
بدأ.. يردد: مستحيل.. مستحيل ستكون الطامة الكبرى إذا أخبرتها.. أوه.. كم أشعر بالملل.. كم أمقت هذه الأشياء من حولي ونظامها الرتيب الممل الذي يتكرر يوما بعد يوم.
أيتها الغائبة...
إن قلبي يؤلمني.. مزقته نار الغياب.. ها هو بين أضلاعي يصارع غيابك.. ها هو يحترق هل ينطق ويعترف أم يكتوي بنار الحيرة؟
وقف حائراً.. متمتماً ببعض الكلمات غير المفهومة.. ثم نطق بصوت خافت وقال: يا إلهي كم أشعر بالذنب!
هل أخبرها بسرّ وقصة الصورة وحقيقة.. اختفائها؟ أخشى من أن تكون هذه المزحة نهاية العهد.
قرر الاعتراف لها.. غداً.. الساعة السابعة مساء..
استجمع كل قواه.. لكن سرعان ما طارت الفكرة من رأسه.. فالحوار أمام ناظريه حي لم يمت!!
قرر النزول إلى حديقة المنزل.. بالرغم من برودة الجو لكي يشاهد قطرات المطر والغيوم التي تعانق الجبال كذلك لكي يرى نافذة غرفته وكيف تتساقط عليها حبات المطر.. اشتد نزول المطر.. وبدأ.. يخطو مسرعاً إلى داخل المنزل واضعاً يده على (جيبه) ليحمي ما خبأه من البلل..
وفيما قطرات المطر تنهمر بقوة.. وهو يخطو قرر الاعتراف لها جازماً عند وصوله إلى الغرفة..
وصل.. بسلام إلى غرفته.. كل شيء رائع والذي (في جيبه) لم يصبه البلل.
أخبرها.. بأنه هو سارق الصورة ولم يشأ أن يخبرها بأنه فعل ذلك لكي يكتب.. خلفها.. رداً على عبارتها (تمنيت أن أكون)..
كتب خلفها: (سأكون لكِ وحدكِ أنتِ).. والصورة التي سرق لم يبللها المطر هذا الصباح فما زالت في جيبه.. سامحيني...!!
حائل
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|