رؤية روّادنا .. وذاكرة الأجيال محمد الدبيسي
|
أيُّ جيل ذلك الذي لا تنسل من ثنايا وعيه سير الراوّد وصنائعهم، فلم يتبق منها، ولو ما يشير إلى حضورهم الرمزي، ليمر الزمن وروّاده مروراً يشي بضحالتهم، التي وقفت وراءها قيم القطيعة مع المُورِّث حتى أوشكت أن تفقد اتصالها المتراكم، وامتدادها الحيوي عبر حاضرها الراهن .. ومستقبلها المنشود؟
.. هكذا عبرت رحلة الأجيال وانصرمت أزمانهم .. وهي تكابد عدمية الاهتمام واستحقاق النكران..!
يحضرني تأمُّل هذه الحالة .. وأنا أتتبع نتائج همم المصريين في تتبّع آثار روادهم لتتحوّل من نص مكتوب .. إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية، وتطوع عبر هذه التقنيات المنوعة لتصل إلى الكل .. ويشاهدها الشعب .. وتستقر في ذاكرة الأجيال، لتمتلك بذلك قيمة وجودها وقيم ثرائها ورمزية أهميتها التاريخية، بمعاضدة المؤسسات الثقافية، وهمم المشغولين بالثقافة، فتصدر بطبعات شعبية، تنالها كلّ يد..!
المصريون النموذج الثقافي الأرقى، والبدعة الفنية الأدعى على الإتباع والمحاكاة، التي وجد في أجوائها فنانونا سند التواصل وسدى التشجيع ليثروا عبرها مواهبهم، ويتواصلوا من خلالها مع أجواء مضمخة بطعم الفن الأصيل .. حتى وإن كانت أدوار فنانينا متماهية في سلطة النموذج ومذوبة في كيان الأصل..!
وكانت خطوتهم الجرئية ملاذاً من فقر خطابنا الإبداعي لسيناريوهات فنية تنبع من مناخهم الحقيقي .. وطنيتهم الأصلية..!
في حين كانت نخبنا الثقافية من كتّاب ونقّاد ودارسين، مشغولة بالتباكي على جهود السباعي والإشارة الشرفية إلى ألمعيته وجرأته في المطالبة بمسرح..!
مرحلة تاريخية انقضت .. وتلتها أعمال روائية وقصصية وسيرية، ظلت حبيسة نصانيتها الوثائقية ونطاق تداولها الضيق في أيدي النقاد وقلة من الباحثين، في ظل ثقافة مجتمعية أمية..؟! وعمومية اهتمامات مستلبة للفضائيات ومفاجآتها..!
أو تداول نخبوي ممعن في تطبيق نظرياته وإيهامات تحليلاته الخاصة؛ على الرغم من قيمتها المعرفية، إلاّ أنّها شكّلت عائقاً تواصلياً مع الذهن العام..!
(مذكرات العهود الثلاثة) .. لمحمد حسين زيدان، و(حياتي مع الجوع والحب والحرب) لعزيز ضياء .. و(حمار حمزة شحاتة) لحمزة شحاتة، و(ذكريات طفل وديع) لعبدالعزيز الربيع و(الجبل الذي صار سهلاً) لأحمد قنديل .. نماذج مضيئة لحقب من تاريخنا الثقافي والاجتماعي، وتفاصيل حياة ثرّة .. تتطلّع لرؤية سيناريست ربما لم يتولد بعد..؟؟
لتحوّلها من خامة نصية .. إلى فعل فني حركي وعمل تلفزيوني لو تحقق..؟ لتحققت الحفاوة المعرفية الواعية بذات المؤلف الرمز .. ودوره النهضوي والريادي، ثم بالموضوع .. كتفاصيل حيوية لحقبة اجتماعية من تاريخ إقليم مهم من أقاليم بلادنا (الحجاز) باشر مبكراً التعامل مع الأنظمة السياسية المختلفة والاهتمام بالتربية والتعليم الأهلي، واستنار طريق المعرفة، وراكم من إنتاجه الثقافي، إضافة إلى انفتاحه الحضاري، وممارسته المدنية الرائدة.
إنّ السؤال الملح في نظري .. يكمن في محاولة تقصي أسباب سحب الإهمال والتناسي وغض الطرف عن هذه النماذج السيرية المتميّزة في الخطاب الثقافي المحلي..؟؟
Md1413@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|