أثر الفن الإسلامي على التصوير في عصر النهضة
|
تأليف: إيناس حسني
دار الجيل 2005م
في عرض مستفيض تناول موقع النيل والفرات كتاب (أثر الفن الإسلامي على التصوير في عصر النهضة)، مشيراً في مقدمة عرضه إلى أن الفن مطلب ضروري للإنسان يندفع إلى تحقيقه سواء جلب له منفعة عاجلة أم عجز عن أن يجلبها له، وهو معرفة خالصة في التفسير، وإذا كنت غاية المعرفة هي (التفسير العقلي للظواهر) فغاية الفن هي استبطان الشعور الحي وتجسيمه، والمشاركة الحيوية التي هي ضرب من التماس الوجداني والتفاعل مع الصور الحيوية. وإذا كان العالم لا يخلع ذاته على الظواهر التي يحاول تفسيرها؛ فإن الفنان على العكس منه يجعل ذاته نقطة انطلاق. وإذن بينما تنكشف الظواهر في المعرفة تدريجياً نجد الصورة الفنية قد انبثقت في كلية وشمول من خلال نفسية الفنان، وعلى الرغم من ذلك فإن العلم والفن يقدم كل منهما إشباعاً متشابهاً للإنسان هو (فاعلية الخيال وكشف الوحدة والاتساق والتناسب في الطبيعة) كما تذكر ذلك باحثة في علم الجمال. فالإنسان يخترع دائماً أفكاراً للتعبير عما يكمن وراء مظاهر الطبيعة وللربط بينهما.. عن طريق الخيال عندما يعمل جمالياً أو علمياً، فالخيال هو القادر على تكوين الصور في رؤوسنا؛ تلك الصور التي تحمل (الحقائق) الكاشفة حولنا.
والفن الإسلامي فن جمال ينطبق عليه ما ينطبق على كل الفنون، وقد وصل إلينا الفن الإسلامي متمثلاً في مختلف آثاره من أدب وشعر وعمارة وتصوير وزخرفة وخط ومنمنمات، دون فلسفته، أو أخبار فنانيه، ودون شرح تقنياته. لهذا ليس من المبالغ الحديث عن المحاولات الجمالية والنقدية المتأخرة والحديثة لفهم (الجماليات الإسلامية) ولتأسيس فلسفة تفسر مختلف الفنون الإسلامية، بوصفها المحاولات الوحيدة لاستيعاب هذه الفنون واستخراج قوانينها الجمالية.
ومن المعروف أن المصور العظيم رامبرانت الهولندي كان من أوائل الذين اجتذبهم على المستوى الفني تصوير الأحياء في بعض الصور التي وصلت إلى يده من إحدى البلاد الإسلامية، ومن هذه المنمنمات المنسوخة واحدة في متحف اللوفر بباريس. هذا ولا يزال البحث في دراسة المنمنمات قائماً حتى العصر الحاضر؛ إذ جعلها هذا السبق في الطليعة بالقياس إلى الفروع الأخرى من الفنون الإسلامية. ثم جاء الاهتمام بالكتابات الإسلامية بخاصة عام 1828م حين أفرد (رينو) كتابه المسمى (وصف الآثار الإسلامية في مجموعة دوق بلاكاش). وفي عام 1838م أخرج المستشرق (يوسف فون هامر برجشتال) بحثاً في كتابة كوفية من مسجد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في القاهرة. وفي عام 1840م ألَّف مايكل أنجلو كتاباً في شواهد القبور الإسلامية، وأعقب ذلك بكتاب عنوانه (بحث في الصور الرمزية العربية وفي تنوع الحروف الإسلامية في نقشها على المواد). ولم يكتفِ الغرب بدراسة الآثار الفنية العربية، بل قام باقتنائها وتغذية المتاحف الغربية بها، ويكاد لا يخلو متحف في الغرب من قسم أو قاعات مخصصة للآثار الفنية المكتشفة في البلاد العربية مع غيرها من مكتشفات العالم الإسلامي.
وإلى هذا فإن للفن الإسلامي تأثيراً واضحاً في الغرب وفنونه. فبعد أن استقرت الحضارة الإسلامية وتشربت الحضارات الأخرى عبر الفتح والدخول في الإسلام من قِبل حضارات كانت مختلفة بدأت المعاني والأفكار الإسلامية تنتقل إلى هذه الحضارات، وعلى رأس ذلك الفن الإسلامي، عبر التجارة الخارجية التي أضحت أهم وسائل انتقال الفنون الإسلامية. وهذا ما حاول المؤلف في كتابه هذا إلقاء الضوء عليه عبر تناوله لطرق وتأثير الفن الإسلامي في العصور الوسطى الأوروبية، ثم أثر الحضارة الإسلامية في الغرب ككل، ثم بواكير عصر النهضة. ومن ثم فإن دراسة الفنون الإسلامية التشكيلية تمثل دراسة إحدى نقاط التماس بين الحضارتين العربية والغربية، من هنا حاول المؤلف عبر فصول أربعة إثبات أن الفنون الإسلامية أثرت في أوروبا، كما أن الفنون الأوروبية أثرت في الفن الإسلامي، وأنه أصبح فناً مستقلاً بالإمكان أن يطلق عليه أحد أبرز الفنون التي أنتجها الإنسان على مدى تاريخه الطويل.
من أجل ذلك فإن المؤلف عالج في الفصل الأول نشأة الفن الإسلامي، وعلاقته بالدين، وطرق تطوره وفلسفته، ومفهوم الفراغ والتجديد في الفن الإسلامي، وسماته وتنوعه؛ للخلوص إلى أنه فن يضاف إلى بقية الفنون الإنسانية، كالفن الأوروبي، والفن الفرعوني والبابلي والفينيقي، كما أنه لا يقل أهمية عن فنون شرق آسيا والصين والهند واليابان. أما في الفصل الثاني فقد عمد المؤلف إلى إلقاء الضوء على التصوير في الفن الإسلامي، ثم تطوره في العصور المختلفة من الإسلام، وذلك من خلال استعراض المدارس العربية المختلفة كالعراقية والمصرية، ثم اختيار نماذج إسلامية في المدن الأوروبية مثل صقلية من خلال الفنون الزخرفية الإسلامية وأثرها في صقلية، للخروج من هذا بأن مدرسة صقلية هي مدرسة إسلامية في فنونها، وليست أوروبية.
ومن ناحية ثانية، انتقل المؤلف إلى الكشف عن الأثر الذي خلَّفته الفنون الإسلامية، وذلك مع بداية عصر النهضة في بواكيره وإرهاصاته الأولى، وبعد خروج العرب من الأندلس يتابع المؤلف تاريخياً ما قبل عصر النهضة. وفي الفصل الرابع والأخير يحاول المؤلف رصد (مدخل إلى عصر النهضة) العصر الذي يعدُّ صاحب أهم إنجاز في المدنية الحديثة، كما تتم الإشارة إلى أثر الفنون الإسلامية في فنون عصر النهضة، تلك الفنون التي تظل شاهدة على قوة الفنون الإسلامية حتى الآن في أوروبا؛ في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وحتى داخل شمال أوروبا.
يقع الكتاب في (264) صفحة من القطع الكبير.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|