من الحقيبة التشكيلية واضعاً الكرة في مرماهم وكيل الوزارة للشؤون الثقافية يلتقي التشكيليين
|
إعداد: محمد المنيف
متابعة لما نشر يوم الأربعاء الموافق 24 من شعبان 1426هـ من تغطية لحفل افتتاح المعرض الثقافي الذي أقامته وكالة الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والإعلام الاثنين الماضي بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني، الذي افتتحه الأديب الأستاذ عبدالله بن إدريس أحد رجالات الأدب والثقافة السعودية بحضور سعادة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن سبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية وجمع كبير من أعلام ورموز الأدب والثقافة والفنون التشكيلية، الذين شاركوا ضيف الحفل الجولة والاستماع للفنانين والمعنيين بأجنحة التراث والكتاب.
أوضحت التغطية أن المعرض يضم ما يزيد على المائة والثلاثين عملاً من الفنون التشكيلية من مختلف المدارس وأساليب التنفيذ والتقنيات من تصوير زيتي ورسم وجرافيك ومن مختلف المدارس والاتجاهات الفنية المعاصرة استلهمت مضامينها من الأرض من الوطن من المجتمع عادات وتقاليد وأنماط حياة تبرز بين ثناياها ملامح الاستقرار والأمن والرخاء الذي تعيشه بلادنا، صور وومضات تسلط الضوء على زوايا الجمال غير الاعتيادية العائدة من مختزل وجداني صادق يمتلكه فنان يعشق كيانه ويعي أبعاد جمال كل جزء في وطنه وينقلها بصور جديدة توثق الشكل وترمز للمضمون وتؤكد حقيقة صدق المشاعر وحجم الانتماء، لهذا أصبحت الفنون التشكيلية جزءًا من الثقافة ومن هنا وجدت مكانها ومكانتها والتقدير لها من أعلى مستوى رسمي ممثل في وزارة الثقافة والإعلام وفي وكالة الوزارة للشؤون الثقافية وتأكدت الرؤية في هذا المعرض وحجم الحضور فيه.
كما اشتملت التغطية على الكلمة التي ألقاها الأديب عبدالله بن إدريس لوسائل الإعلام بعد افتتاحه المعرض واختتام الجولة التي شاركه فيها الجمع الكبير من أرباب الكلمة ومبدعي الريشة وعشاق الأدب والثقافة والتي جاء فيها: نحمد الله على أن هيأ لهذه الوزارة الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها بتشكيل وكالة لوزارة الثقافة مخصصة للجانب الثقافي فقط، وهذا ما كنا نفتقده، وتحقق هذا على يد معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد مدني والأستاذ الدكتور عبدالعزيز السبيل، نرجو لهما وللعاملين معهما جميعاً التوفيق ولمزيد من الخطوات الجادة والمفيدة لرفع المستوى الثقافي والأدبي في المملكة العربية السعودية إلى مستوى أكبر لتضاهي به المستويات المتقدمة في العالم العربي والدول الأخرى، بحيث يترجم أدبنا إلى الثقافات واللغات الأخرى، وما شاهدناه في هذا المعرض يسر النفس لأنه يعبر عن قدرة الفنانين التشكيليين الذين أسهموا إسهاماً جيداً في عرض لوحاتهم وعرض أفكارهم ورؤاهم في الحياة التي رسموها، ونرجو أن تكون هذه الخطوة الصغيرة يتبعها خطوات كبيرة بإذن الله.
مع ما خص به الأديب ابن إدريس الجزيرة الثقافية من إجابة حول القاسم المشترك بين الأدب والفن التشكيلي، حيث أجاب قائلاً: الفن التشكيلي جزء من الأدب، والأدب أيضاً جزء منه فن تشكيلي، فن بالكلمة وفن بالصورة الذهنية ولهذا فهما يشتركان في الرؤية وهذا ما يجعل الفن التشكيلي جزءًا من الأدب، وأنا في الحقيقة أتذوق الفن التشكيلي وتعجبني اللوحات التي توحي وتعبر عن رؤيا معينة يمكن أن يستوحيها الفنان ويوظفها في اللوحة، وهذا القول يعتبر شهادة من أديب كبير يسعد بها التشكيليين.
حوار لا تنقصه الشفافية
بعد اختتام الجولة وانتقال الحضور إلى مكان أعد للشاي كانت الفرصة فيه كبيرة للحوارات المفتوحة ومنها التقاء التشكيليين مباشرة مع سعادة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن سبيل طرح فيه الفنانون بعضا من همومهم وأحلامهم وطموحاتهم بشكل صريح دون مجاملة أو تردد وكانت الإجابات من قبل سعادة الوكيل أكثر صراحة ومرونة وأشارت إلى أن المستقبل كفيل بتحقيق كل ما يتمناه التشكيليون، مضيفاً ومؤكداً أن الأمر لا يرتبط به فقط، مشيراً بقوله وموجهاً الحديث للحضور من الفنانين الذي يشكل حضورهم غالبية أبرز الفنانين في الرياض (إن الأمر يحتاج مساهمتكم أنتم لتضعوا الآلية التي ترون أن فيها ما يحقق الأهداف للفن خاصة وللوطن عامة، كما أشاد الدكتور السبيل بما تحقق للفن التشكيلي من حضور محلي وعربي وعالمي)، وكان من ضمن ما طرح في الحوار تلميحات حول بعض الجوانب المهمة في بناء المسيرة التشكيلية بشكل مدروس تحدث به فنانون وأكاديميون من الحضور، بعض منهم سبق له تقديم أوراق عمل إلى الهيئة الاستشارية للثقافة قدمت في الندوة التشكيلية بالملتقى الأول للمثقفين السعوديين الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام العام الماضي، وقد وعد وكيل الوزارة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز السبيل بالاطلاع عليها، وقد كان الحوار بما أطر به من شفافية ومشاعر فياضة وتطبيق للغة الحوار الذي أصبح مطلباً ملحاً بين الأطراف المختلفة ومبدأ وطنياً يحقق أهداف المستقبل، فرصة لم تكن موجودة في السابق، لهذا خرج التشكيليون من الحفل وهم يحملون استشرافاً ملؤه التفاؤل لمستقبل إبداعهم.
تصورات وطموحات
انتظرت فظفرت
إلى هنا نتوقف عن الوصف الخاص بيوم الاحتفال ويوم افتتاح المعرض الذي اعتبره التشكيليون سابقة أولى مع ترقب للكثير منها في مجال جمع أطراف الإبداع الثقافي وإيجاد سبل الاستفادة من عطائهم بشكل يبرز مستوى هذا النتاج الحضاري في قالب واحد، لنعود إلى ما حاول التشكيليون التحدث فيه إلا أن الوقت لم يكن مسعفاً للجميع مع ما أشار إليه الدكتور السبيل من حرصه على أن يتم لقاءات أخرى مماثلة، لهذا نود أن نذكر ونعيد التذكير بما تم القيام به خلال الملتقى الأول للمثقفين السعوديين في الفترة من 11 إلى 13 شعبان 1425هـ، حيث كانت هناك جلسة من جلسات الملتقى في الندوة الثالثة مخصصة للفن التشكيلي، شارك فيها نخبة من الفنانين لكل منهم خبرات وتجارب وعلاقة وثيقة بمتابعة وتوثيق المسيرة التشكيلية، إضافة إلى مساهماتهم المستمرة في الإبداع عبر اللوحة وإقامة المعارض، فقد شارك في تقديم أوراق العمل نخبة مختارة من الفنانين والأكاديميين والفنانين الإعلاميين النقاد ممن لهم باع في رصد ومتابعة الساحة منذ انطلاقتها الأولى منهم الفنان الأستاذ ضياء عزيز ضياء والفنان الدكتور محمد الرصيص والفنان عبدالرحمن السليمان والفنان محمد المنيف والفنانة حميدة السنان وأدار الجلسة الفنان عبدالعزيز عاشور، وقام على تلخيصها وتقريرها الدكتور يوسف العمود.
جاء في المقترحات والتوصيات التي قدمت في الندوة ملامسة لهموم وشؤون وشجون الفن التشكيلي، تبين فيها للجميع أن الهاجس مشترك وأن ما لم يتحقق سابقاً يؤمل تحقيقه لاحقاً مع أن ما جاء فيها لم يكن غريباً على الحضور بقدر ما يمثل هاجساً يسكن عقل ووجدان كل التشكيليات والتشكيليين على مستوى المملكة، خصوصاً المساهمين بشكل مباشر في صناعة الساحة وبنائها على مدى الثلاثين عاماً الماضية وحتى اليوم.
وقد تضمنت الأوراق التي قدمت للندوة التشكيلية من قبل المشاركين فيها بعض الملاحظات والتوصيات، فالفن التشكيلي مر بمراحل متلاحقة لا يمكن فصل بعضها عن بعض إلا أن بالإمكان القول إن ما تم القيام به في تلك الفترة التي يصل عمرها إلى الثلاثين عاماً بجهود عدد من المؤسسات كان لها دور مشهود يحفظه تاريخ الثقافة السعودية ويحفظه كل فنان صادق إلى أن جاء من يتسلم الأمانة بحجمها الحقيقي، مع ما يمكننا القول إن الدعم السابق لا يتعدى دور التشجيع (عن بعد) عبر قنوات معينة تقوم على إعداد برامج وخطط إقامة المعارض دون مشاركة مباشرة من الفنانين في صنع تلك البرامج أو تعديلها وتقويمها وتطويرها حفاظاً عليها وتفادياً لأي تراجع في المستقبل، فقد كان للحركة الديناميكية المتلاحقة لهذا الفن ما دفع بالعديد من المؤسسات الرسمية والخاصة للأخذ به، منها من حالفه التوفيق في التعامل معه ومنها من لم يكن المعنيون بها على دراسة تامة بالواجبات قبل الشروع في تحمل مسؤولية إدراجه ضمن اهتماماتها، ولم يكن لديهم خطة أو برنامج يمكنهم من بناء العلاقة الصحيحة مع هذا الإبداع ومع المبدعين فيه، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه مرحلة التعرف أو التعارف بين كيان له خصوصيته ولم مقوماته وحاجاته تمثله بعض تلك المؤسسات الرسمية والخاصة وبين مؤدي أو مبدع له حقوقه ومتطلباته، نتمنى أن تجد الرعاية والاهتمام من وزارة الثقافة والإعلام ووكالة الشؤون الثقافية المعنية بهذا الفن وفنانيه.
وقد شملت تلك الأوراق كثيراً من المطالب نذكر منها على سبيل المثال:
- إنشاء قاعات عرض على غرار القاعات العالمية وتهيئتها بسبل العرض العصرية.
- إنشاء متحف للفنون يشتمل على مختلف الفنون البصرية بما فيها الفنون التشكيلية.
- إنشاء جمعية مستقلة للفن التشكيلي كما هو معمول به في مختلف الدول العربية يمكن من خلالها الانضمام إلى اتحاد التشكيليين العرب، يشكل لها مجلس إدارة من قبل وزارة الثقافة والإعلام ويقوم على إدارتها فريق عمل مكون من مدير ونائب مدير وأعضاء يتم ترشيحهم من قبل الفنانين على مستوى المملكة من مهامها.
- الاهتمام بالتأليف والبحث في مجال الفنون التشكيلية والاستفادة من أصحاب الخبرات في هذا المجال.
- إنشاء مركز لتعليم الفنون يتم فيه إعداد وإقامة دورات للفنانين عامة وللفنانين الشباب.
- وضع آلية لتصنيف الفنانين.
- القيام بمهام إعداد أرشيف متكامل لمسيرة التشكيل المحلي.
- منح الأعضاء بطاقة عضوية مقابل رسوم رمزية تؤكد انضمامه وتعرف به في المحافل التشكيلية والثقافية كما يحق له بها الاستفادة من خصم التذاكر، وأجور السكن في حال اعتزامه إقامة معرض في خارج مدينته أو خارج المملكة.
- رعاية ودعم الموهوبين في الفنون التشكيلية.
- إعداد لائحة لتنظيم إقامة المعارض التشكيلية المحلية في مختلف القطاعات.
- الإشراف المباشر على المشاركات الخارجية الجماعية منها والفردية لتقييم الأعمال بتحديد المناسب لمثل هذه المهمة الوطنية.
- المحافظة على ما تحقق للفن التشكيلي والأخذ بالرواد والمتميزين فيه إلى مرحلة تليق بجهودهم.
- إنشاء صندوق لدعم الفنان التشكيلي.
- البحث عن مختلف السبل لإيصال الإبداع إلى المتلقي محلياً ودولياً.
- إصدار مجلة تعنى بالفنون التشكيلية تتلاءم مع ما تحقق من إنجاز في هذا الفن.
- الحفاز على حقوق الفنان وتوثيق أعماله لضمان عدم استنساخها.
- الحد من زحف الأعمال الفنية المستوردة بالتعاون مع وزارة التجارة.
- وضع لائحة لضمان تجميل المشروعات الحكومية والخاصة بأعمال الفنانين السعوديين فقط.
- تقييم الأعمال المراد عرضها حفاظاً على الهدف الذي أوجدت من أجله وهو الارتقاء بالذائقة والأخذ بالفن إلى مستوى الوعي الحضاري.
ختام وتعليق
لا يمكن أن يختلف اثنان على أن القادم مختلف عن الماضي وأن في التجارب السابقة ما يعين على تقديم الجديد، وأن الأمل كبير في الزملاء في إدارة الشؤون الثقافية بالوزارة التابعة لوكالة الشؤون الثقافية.. الإخوة الأفاضل عبداللطيف بلال والدكتور صالح خطاب بقيادة الأستاذ عبدالرحمن الحميد الذي تحمل الكثير وتجاوب مع الكثير مما نتطرق له من نقد، مؤملين ألا تتكرر بعض الفجوات والأخطاء السابقة والسعي لتصحيحها مع أن إرضاء التشكيليين أمر صعب المنال، مع تمنياتنا أن يكون التحرك نحو الإصلاح والتجديد في هذا المجال عائقاً أمام من يسعى لتحقيق الذات، فالساحة لا تخلو من الكثير ممن لا يرى أبعد من رأس أنفه ولنا معهم تجارب كثيرة وللفن التشكيلي منهم صدمات وجراحات مؤلمة نتيجة جعلهم هذا الفن جسراً لتحقيق مصالح ورغبات محدودة غلفت بالنرجسية والذاتية، خصوصاً ممن كان لهم فرص في تنفيذ بعض المهام والبرامج التشكيلية التي كان مآلها الفشل والتأثير السلبي على الساحة.
monif@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|