الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 03th October,2005 العدد : 125

الأثنين 29 ,شعبان 1426

عبدالله خياط على خطى المغربي

تمكن عدد غير قليل من أدباء الحجاز قديماً ولاحقاً من تدوين التطورات الاجتماعية والاقتصادية والمظاهر الثقافية والتراثية التي مرت بها مدنهم ومجتمعهم، وما تزال كتابات محمد طاهر الكردي وأحمد السباعي وعبدالقدوس الأنصاري ومحمد علي مغربي وحسن عبدالحي قزاز رحمهم الله، وغيرهم، تعد من المراجع المهمة التي تصور البيئة التي عاشوها، والتحولات التي شهدتها مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف حتى منتصف القرن المنصرم، وحاز هؤلاء الكتاب والأدباء على قصب السبق في هذا الميدان مقارنة بغيرهم، عندما خلفوا للأجيال التي أتت بعدهم كتابات توثيقية ومعلومات مهمة رصدت أحداثاً ما كان لها أن تسجل لولا جهودهم.
وأحسب -من وجهة نظر شخصية- أن تلك الكتب بشكل عام كانت ستشكل توثيقاً أكثر نفعاً لو اجتهد مؤلفوها بتدقيق تواريخ الوقائع الواردة فيها، ولو كانوا اهتموا أكثر بالفهارس والكشافات التي تلحق عادة في مثل هذه الكتب.
ثم مرت فترة زمنية ليست بالقصيرة منذ أن صدرت سلسلة (أعلام الحجاز) لمحمد علي مغربي، وكتاب (أهل الحجاز بعبقهم التاريخي) لحسن عبدالحي قزاز دون أن يصدر ما يشابهها في الشمولية والجودة والمجهود، وكانت وأمثالها سارت على خطوات (معجم) الشيخ محمد طاهر كردي الذي رصد فيه تاريخ مكة المكرمة وبيت الله الحرام (من عدة أجزاء)، 1386هـ.
ومنذ عامين تقريباً أصدر إبراهيم الحسون رحمه الله خواطره وذكرياته، وإن كانت حدود جغرافيتها لا تقتصر على منطقة الحجاز، بل تتعداه إلى أنحاء عدة من نواحي البلاد وفق المواقع التي عمل فيها، لكن الحجاز حظي بنصيب وافر منها كونه أمضى سنوات طويلة في جدة، عملاً ثم سُكنى.
اليوم، بين يدي القراء كتاب جديد صدر حديثا، يتضمن ذكريات الصحفي والكاتب المعروف عبدالله عمر خياط، كانت نشرت في حلقات منذ عامين في جريدة المدينة المنورة، ونهج فيها المنهاج نفسه، حفزه إلى تسجيلها صحفي سبق أن قدم أعمالاً توثيقية أصيلة، وهو د.خالد باطرفي، كان من أبرزها كتاب يوثق سيرة الأستاذ الشاعر الكبير عبدالله بلخير وذكرياته السياسية رحمه الله، وهو من منشورات صديقه الأستاذ عبدالمقصود خوجة.
والواقع أنه يحمد لمحررين يمتلكون القدرة على التوثيق والصياغة والتعبير من أمثال د. باطرفي أو حسين بافقيه أو محمود ردّاوي أو إبراهيم التركي، أو د. زهير كتبي، أن يبادروا إلى التصدي لتاريخ هؤلاء الأعلام، وحفزهم لكتابة مذكراتهم وتدوين ذكرياتهم وتشجيعهم على ذلك.
إن كثيراً من أعلامنا قد بعدت بهم المسافات عن الكتابة والمراجعة والتأليف وغيرها من أعمال إتقان التوثيق، وقد يكون بعضهم لا يجيد هذه الحرفة المتخصصة أو أصبح مشغولاً بنفسه أو بأمور أخرى.
لقد بلغ الأستاذ خياط من الأزمنة والتجارب والخبرات المتراكمة وبخاصة في عالم الصحافة والطباعة والنشر، وفي معرفة الشخصيات العامة، ما جعله يختزن الكثير من التفاصيل والمعلومات التي احتواها كتاب ذكرياته الجديد، وهو بإيرادها لا يخدم سيرته فحسب، بقدر ما يخدم المجتمع الذي عاشه، كما يخدم تاريخ أقرانه والأعلام الذين عاصروه.
ذكريات عبدالله خياط، التي جاءت في نحو (350) صفحة، لم تخيب ظن القارئ في أن يجدها مشتملة على إضاءات وافية عن الشخصيات التي عرفها عن قرب، أو تعامل معها أو حضر مجالسها ومنتدياتها، من أمثال محمد سرور الصبان ومحمد عمر توفيق والأصفهاني وأبوتراب الظاهري وحسن العواد وأحمد السباعي وغيرهم، كما رصدت بعض ملامح الحياة الاجتماعية في البيئة التي نشأ فيها (مكة المكرمة وجدة بخاصة)، ثم كتب بتوسع عن الحج ومحيط الطوافة، وأبرز وضع الصحافة والنشر، وروى كثيراً من القصص والأحداث التي وقعت حيث انتهى الآخرون، ووصف شيئاً مما مر على الحرم المكي الشريف من تطورات، فجاءت ذكرياته متنوعة، بعبارات غير متكلفة، وبأفكار بسيطة هادئة.
فشكراً لجريدة المدينة المنورة التي نشرت تلك الذكريات ابتداء وأفردت لها حيزاً من صفحاتها عام 1423هـ، كما نشرت التعليقات التي وردت عليها، والمؤمل أن يستمر د. خالد باطرفي في دربه الذي جعله من بين كتّاب السِّير والتراجم المتميزين.
ومرحباً بالزميل عبدالله خياط، الكاتب الذي ذاق في مشواره العملي والإعلامي مُرّ الأيام أكثر من حلوها، وهو يروي جوانب من حياته، راجياً أن يمده الله بمزيد من الصحة والعافية وطول العمر؛ لنرى تلك الذكريات وقد زيدت ونُقّحت لتضاهي وتتمم ما أتحفنا به روادنا الأوائل.


د. عبدالرحمن الشبيلي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved