من أحديات الملك عبدالعزيز وشعره (2-2)
|
مدخل: لا تقتصر عادة سير العظماء في التاريخ بأدوارهم وبما حققوه وأنجزوه لأوطانهم ونالته أمتهم إبان حياتهم ومشوارهم على صعيد الواقع ولذلك من حق أبناء هذه الأمة أن تفخر وتشيد وتذكر التاريخ المروي لذلك العظيم على مر الزمان وعبر الأجيال وعليهم أن ينتبهوا إلى مقولة ما يرويه الآباء الأجداد والمعاصرون عن تلك الشخصية وما روي عنها وكتب مع المقارنة بما سبقها من عهود غابرة. والمقصود بهذه الشخصية العظيمة هو الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه فهناك في سيرة هذا البطل الكثير من القصص والأحداث التي ما تزال حديث المجالس عبر السنين كما هي مثار اهتمام الدارسين المتخصصين.
نماذج من أحديات الملك عبدالعزيز نقل المارك عن الزركلي في كتابه "شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبدالعزيز" هذه الأحدية التي قالها الملك بعد مهاجمته الأولى للاستيلاء على اقليم الأحساء وانتزاعه من الأتراك عام 1330هـ:
يا هجر يا زين النبات | لا تحسبنا هاربين | إن طول الله بالحياة | جينا إليك راجعين |
وبالفعل يوفي الملك بكلامه ويعود ويستولي على الأحساء في 5/5/1331هـ. | ومن أحدياته التي يقصد فيها عبدالعزيز بن رشيد وتتضمن التهديد والوعيد: |
قولوا لبو متعب نبيه | فوق النضا والمكرمات | إن كان ما جانا نجيه | ونشبع طيور حايمات | رد النقا مني عليه | قوله يأهل الموجفات |
ويقول أيضاً لابن رشيد الذي استمرت حربه معه أكثر من إحدى وعشرين سنة: |
مهبول يا قايل قضت | توه عمر دخانها | يلحق بها ورع صغير | خيل بقطي حصانها |
يا سابقي حرم عليك | شبو الحصان اللي عريب | بالبر أنا برهي عليك | ما دام أبو متعب حريب |
ويقول في هذه الأحدية التي يشير أبو عبدالرحمن بن عقيل إلى أنه قالها بعيد معركة جراب "عام 1333هـ" بعد انتصاره وعلى الرغم من خيانة حصلت من بعض العربان في مؤخرة الجيش: |
عيوا يطيعون النصايح | وأنا عن البوق اتدرا | يا للي تريدون المدايح | ما خير ألا عقب شرا |
يا نايم تحت العريشة | يا ناسف فوقه ذرا | لا تحسبن النوم عيشة | الحرب زيزومه سرا |
الغرج رديته بتال الخيل | يوم أد بحن الخيل بالفرسان | لعيون من ريحه زباد وهيل | شامت عن الجاهل تبي الشيبان |
ويرى أبو عبدالرحمن بن عقيل أن هذه الأحدية ليست للملك ولكنها لأحد خاصته وهو فهاد الحلاج حيث حادت به جواده في منطقة السر في إحدى المعارك ولم يسيطر على جواده إلا بعد عناء لكبر سنه مع أنه فارس مقدام فمازحه الملك عبدالعزيز بأحدية منها: |
خلي نياقه عقب شوف العين | ما به ردى ألا علة الشيبان | فقارضه فهاد بالبيتين الأولين. |
وله هذه الأحدية مخاطباً فيصل الدويش وربما أنه قالها أثر وقعة المجمعة عام 1325هـ |
وش أنت خابر يانفيش | المجمعة خليتها | يومك تتقى بالعريش | والشرف مافكيتها | من فعلنا قلبك خريش | والمرجلة خليتها | كل يلومك يالدويش | من ذلة ذليتها |
أحب العافية واشريها | وأسوق عمري والدبش | وإلى عصوا عذالهم | رديت لرقاب النمش |
يقول المارك: أعتقد أن معاني البيتين الأخيرين تعبر أصدق تعبير عن اتجاه عبدالعزيز وسلوكه في محاربة خصومه فهو يفضل دائما السلم ولم ينتض السيف حتى يستنفد كل ما لديه من الوسائل في سبيل السلم. | ومن ذلك ما نقله أبو عبدالرحمن بن عقيل عن السديري قوله يودع الرياض بعيد معركة الصريف "عام 1318هـ". |
يا دارنا لا ترهبين | لا بد ما نرجع عليك | أعطيك أنا العلم اليقين | لو ننتحي لازم نجيك |
وبالفعل جاء وفتح الرياض في 5 شوال 1319هـ | وفي ذلك الظرف أيضاً قال: |
من نجد ما جانا خبر | ينقل لنا علم الحريب | لابد من يوم حمر | والشمس من عجبه تغيب |
وأورد مؤلف كتاب "الدرة في أخبار قبيلة آل مرة" هذين البيتين وقال: قيل إن هذين البيتين للملك عبدالعزيز عندما انطلق لدخول الرياض: |
يلفاطري هجي من الجافورة | ذي ديرة مالك قعاد فيها | هوايتش في ديرة أخو نورة | في ديرة عجلان وامر فيها |
وفي أحداث سنة 1325هـ قال رحمه الله أحدية منها: |
يا غرسة حدر النفود | والعمر يرخص دونها | قولوا لسكان الحيود | بالهرج لا يطرونها |
عيب على اللي يركب المشوال | ولا يروي الرمح الطويل | ما كل من ركب الفرس خيال | إن نهضن رهم الشليل |
يقول أبو عبدالرحمن بن عقيل وله في أحداث سنة 1330هـ أحدية لامية بوصل الهاء والقافية الأولى على الفاء | وقال متحفزاً قبيل احتلال الرياض: |
يا نجد ماجانا منك رد علوم | واليوم أنا شفق على المناد | قالوا مريح قلت أنا المهموم | حتى نقرر للنضا ميعاد | نركب على اللي نبهن مردوم | وإن روحن مثل القطا الشراد | وقال في أحداث سنة 1321هـ | الديرة اللي لج فيها البوم | عقب القرابة قلت فيها حداة |
وله أحدية في مناسبة خاطب فيها أخويه محمد وسعد مطلعها: |
يا حيف يا خطو الولد
| رش عاد لو يلبس زبون |
نادو محمد مع سعد | قولوا يجون ويركبون | وأحدية أخرى يخاطب أخاه سعد: |
ردوا له العلم الوكيد | كسب الثنا عاداتنا |
بالعون ما ودي حدر سلمان | وسعود حماي البليد |
أنا معي طب الغشيش | والله لنا عون وسند |
وجاء عند فايز البدراني في كتابه "من أخبار الملك عبدالعزيز عند الراوي والمؤرخ محمد العبيد" أن الملك عبدالعزيز قال بمناسبة رقعة الطرفية عام 1325هـ: |
حتى أيش لو شد الدويش | سرقان بواق العهد | ترى الوعد ديرة نفيش | عيب على اخلاف الوعد |
وفي أحد مساري الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه قال: |
حنا كما نمر إلى منه عدا | والنمر ماتومن دغايله | نمشي لصاحبنا قدا | واللي يحايلنا نحايله | قال أبو عبدالرحمن هذه تغني عرضة وحداء |
وقبل معركة "روضة مهنا" مع ابن رشيد عام 1324هـ قال أحدية منها: |
عدوكم قدامكم | لابد من علم يصير | إما لهم وإما لكم | عاداتنا نروي الشطير |
وبعد العودة أنشد لأهل الهجن قصيدة منه: |
اليا ركبنا على الضمر | الحرب نحمي مشاهيبه |
يا سرية ما تستريح | دون الحدود مصالية |
وقال في أحلك الظروف أحدية منها: |
كل تتقى ما بغى ناموس | قرب الحريب وقلوا الخلان |
حنا إلى ركبت عراب الخيل | وتقاحص الفرسان قدام وورا | شهب عليها من ذياب الليل | فرسان خيل ما تباع وتشترى |
وأورد مؤلف كتاب "شيوخ وشعراء" هذه الأحادية منسوبة للملك عبدالعزيز: |
يحسبون حربنا يومين | لا درس قمنا وجددناه | إلى فرع صافي الخدين | وش عذر اللي يبي لاماه |
كلمة أخيرة | بعد أن استعرضنا هذا الكم من الأشعار المنسوبة للملك عبدالعزيز يجدر الإشارة إلى أن هناك أبياتاً أخرى تركناها لأنها جاءت على سبيل المداعبة لا أكثر مثل مداعبة الملك لخادمه شلهوب وغيرها من الأبيات الأخرى ولكن السؤال الذي يطرح هل هناك أشعار أخرى للملك عبدالعزيز لم تصل إلينا ولم تدون أو ما زالت في صدور الرواة؟! | كما نلاحظ الأهمية التاريخية للأحديات وارتباطها التام بساحة المعارك لأنها حديث الحرب وشاهد الأحداث السياسية ففيها التهديد والوعيد للأعداء واحترامهم في الوقت نفسه وفيها التشجيع وبث روح الحماسة في جنوده ومساعديه وفيها الفخر والشجاعة وفيها التحدي والإباء كما نستنج منها بعض السمات الشخصية والشمائل البطولية للملك المؤسس عليه رحمة الله وهذا يعني أن هذه الأشعار تشكل صفحة مشرقة من تاريخ الوطن تستحق الدراسة والاهتمام. | ولابد لنا من الإشارة إلى الدور الكبير الذي قام به الأمير محمد الأحمد السديري في حفظ كثير من هذه الأشعار وتوثيقها ولهذا الأمير كتاب عن حداء الخيل ما زال مخطوطاً أشار إليه أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري واستفاد منه في كتابيه "تاريخ نجد في عصور العامية" و"مسائل من تاريخ الجزيرة العربية" كما أفاد منه أحمد العريفي في كتابه "حداء الخيل" ونتمنى أن يكون لدارة الملك عبدالعزيز دور في إخراج هذا الكتاب وطباعته لارتباط فن الحداء بتاريخ الوطن ومعارك التوحيد. |
| قاسم بن خلف الرويس |
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|