مطالعات القاص خالد الخضري يصف "سيدة المرايا": الخضري في المجموعة يذهب للسرد المشعرن.. إغفال للأحداث واحتفاء في اللغة وشعرية في الموقف..
|
عبدالحفيظ الشمري
إشارة:
*سيدة المرايا "نصوص".
*خالد محمد الخضري.
*دار الحوار *دمشق *سوريا.
*الطبعة الأولى 2002م.
*تقع المجموعة في نحو "140 صفحة"
في محاولة من الكاتب والقاص الأستاذ خالد بن محمد الخضري لأن يحقق معادلة جديدة تجمع الشعر مع السرد وتوائم بين سكون الأحداث وعصف المشاعر حتى أضحت تجربة الخضري في نصوصه "سيدة المرايا" رسالة إنسانية خالصة تسجل حضور الشعرية بشكل واضح لا يقبل الجدل حول الماهية أو الهدف الذي أراده الكاتب لهذه المواقف والانثيالات العاطفية العاصفة.
البوح ولا غيره في تضاعيف هذه النصوص التي درجت ومنذ أول كلمة فيها على أن تكون أبواباً مشرعة للشوق والعطر والحب والتنهدات، وقس على هذا الإيحاء عدداً من المفردات العاطفية التي تسجل صهيلها الواضح.. فلم يعد أمام الكاتب إلا أن يسرد تفاصيل العشق.. ذلك الذي لا تراه إلا في عيون العشاق ولا تسمعه إلا من أفواه المحبين الذين يصورن الحياة وكأنها أغنية تضوع عطراً فاتناً يملأ المكان ويغمر الخلائق بفيض شذاه.
خطاب السرد المشعرن في المجموعة..
الكاتب والقاص خالد الخضري وفي هذه المجموعة النصوصية أراد أن يجعل من المرأة خطاباً سيرياً واضحاً تدور حوله مفصلات هذا العمل.. لنراه وقد حاول جاهداً التشبث بصياغة المشهد السردي لكنه نزع إلى الشعرية في هذا السباق حتى أصبحت النصوص مقاطع من بوح "شاعري" لقاص آلمته "القصة القصيرة" وأدمته حوافر السرد الحادة؛ ليميل الكاتب دون مقاومة نحو "الشعرنة".. تلك النظرية.. أو ذاك المفهوم الذي أطلقه شيخ النقاد الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي حينما أصر على أن العديد من الأحداث والمواقف والمشاهد يمكن لها أن تتحول إلى شعر في ظل تنامي سلطة الشعر القوية حتى يصبح القول وإن كان خارجاً عن لفظة شعر هو في رؤية ما واقعاً شعرياً مفروضاً بقوة البناء ورنين المفردة.
الاحتفاء باللغة..
يغفل الكاتب الخضري كل مقومات العمل السردي متعمداً لأنه يريد أن يؤكد أحقية "السارد/القائل" أن يبوح بما لديه من آهات
ولواعج في وقت تأخذ القصة شكلها العام في كل نص من نصوص "المجموعة"..
لنأخذ نص "يا وجه الصباح كم أكرهك" ونقربه إلى لغة السرد القصصي نراه وقد أقام وشيجة قوية معه؛ فنراه وقد صاغ للمكان وجوده القوي "الغرفة" في وقت تدب في النص روح الأحداث ليتولى الصراع بين "البطل السارد" و"الصباح" وهذا الأخير حالة خاصة لعنصر "الزمن" الذي يعد من مقومات القصة..
"البطل السارد" لأحداث الحلم واليقظة في ذوات هؤلاء العشاق الذي يلملون وجوههم المهزومة دائماً كلما أطل الصباح عليها دائماً ما يلجئ إلى اللغة كنعصر أساسي في تحريك هذه الفعاليات والأحداث والمواقف.. فالفعاليات هنا هي تلك الاهتمامات الكثيرة من البوح اللاعج أما الأحداث فإنها محددة وموجهة في اتجاه واحد يخدم العبارة الشاعرية.. أما المواقف فهي أكثر مما تحصى لأنه قد يغلب عليها الحشو الزائد عن حاجة النص لأن القارئ يرى تكراراً واضحاً في المفردات رغم أنه يحركها على نحو متناغم لتعكس قدرته على إعادة ترتيب الخطاب الإفصاحي في كل موقف من هذه المواقف.
الكاتب الخضري استعان باللغة ودوَّن العديد من المشاهد الشاعرية.. تلك التي تهتم بالعالم الخارجي أو ما يسمى بالإطار العام لتكون هذه النصوص إيماءات محلقة في فضاء العاطفة حتى إنها لم تجرؤ على الخوض في تفاصيل المواجهة مع الوجه الآخر من معادلة العلاقة بين الإنسان ومن حوله..
حياد الراوي المولع بالشدوتفر نصوص "سيدة المرايا" للكاتب الخضري إلى فضاءات عامة أو كما أشرنا سلفاً تتجه بقوة نحو حدود العالم الخيالي الحالم.. لنرى "الكاتب" وقد قطع على نفسه وعداً أن ينتصر للخيال ويقف باب الحديث عن الواقع أو حتى مناقشة بعض وجوه قصور هذه العلاقات الإنسانية ولاسيما ما له علاقة بوعي الرجل أمام دور المرأة.. وسطحية بعض الأفكار التي تطرحها الأنثى حينما ترى أن ما تقوله هو المناسب في وقت تظهر فيه معالم التعالم والادعاء المضلل ببلوغ نشوة النجاح والانتصار على الآخر سواء كان رجلاً أو امرأة.
ظل "راوي النصوص" مواظباً على قول الشعر الحكائي لكنه لم يرد على هيئة قصائد موزونة أو مقفاة.. بل عمد الخضري إلى تأسيس منهج الفكرة الواحدة لكل نص من نصوص هذه المجموعة.. وجعل كا فة هذه الطروحات والتناولات بعيدة عن أرض الواقع.. لأن الواقعية في تجسيد صورة الإنسان تأخذ بعدها التأثيري دائماً في المتلقي لتسهم في نجاح النص وتخليده في الذاكرة.
نصوص المجموعة كافة يجمعها هذا العنوان المنتخب "سيدة المرايا.." وهذه التجليات الداخلية لوحة متشكلة في إطار رسالة واحدة تصوب في مجملها نحو "الأنثى" ملهمة الشعراء ومحرضة الكتاب عن البوح دائماً.. وحدها القصيدة هي التي ناءت بذاتها عن عالم "الخضري" لترى أن معالم القصة قد تجاذبتها تيارات عدة فيما يلمح القارئ سيطرة اللغة على مجريات الكتابة بشكل واضح لا لبس فيه.
الأستاذ خالد الخضري درج على كتابة النص القصصي المشبع غالباً بلغة العاطفة وشعرية الموقف.. إلا أنه استطاع في هذا الإصدار الجديد اتخاذ قرار حاسم يقرب فيه الخاطرة والبوح الذاتي رغبة منه في تقديم صورة إنسانية بسيطة تخرج الإنسان من دوامة عنائه الدائب.. هي لحظات حاول فيها الخضري تقديم هذه التأملات والبوح من أجل أن يفرغ هذه الشحنة القوية من العواطف ليسهم هذا الإصدار في إيجاد فضاء سردي آخر وعد به الكاتب..
لم يعد أمامنا إلا ذكر بعض تلك المواقف التي سجلها الكاتب الخضري في سياق نصوصه الذاهبة دائماً نحو الخيال.. الموقف الأول المرأة لدى الكاتب تأخذ هامشها الكبير الذي يؤثر في سياقات كثيرة.. وهناك موقف آخر يتمثل في الليل حيث صوَّره الكاتب على هيئات كثيرة وبمشاهد متكررة.. وهناك "الحب" و"العاطفة" و"الأسرار" و"البحر" و"العشق" و"الرحيل" و"العطر".. فجميع هذه المواقف التي اختطها الكاتب مع هذه المفردات كونت إضمامة البوح في هذا الإصدار الذي وسم بسيدة المرايا..
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|