نساؤلات ضفاف الواقع منصور الجهني
|
"على ضفاف الواقع" عنوان الزاوية التي تكتبها الأستاذة غادة الخضير منذ سنوات في جريدة الجزيرة، والعنوان بالتأكيد يوحي بمضامين تلك الكتابة الصحفية التي ظلت تمارسها الكاتبة بدأب تحسد عليه، وهو ما يؤكد مقدرتها على التأمل الهادئ الذي يتشكَّل من خلال رؤية تمزج بين الرومانسية والواقعية وأحيانا تقترب من المنهجية ربما نتيجة اختصاصها الأكاديمي في علم النفس، الذي ينعكس بشكل واضح وإن بشكل غير مباشر من خلال العديد من المقالات التي تشكل في الغالب تأملات في الذات الإنسانية، تمزج بين الهم الخاص والعام أو بين الذاتي والإنساني، فهي تخلص من خلال تجربتها أو معاناتها الخاصة، الى نتائج ورؤى تحاول تقديمها للقارئ، الذي يشاركها ذات الفضاء الاجتماعي، وبالتالي ذات الهموم والأحلام والتطلعات.
وبالعودة الى عنوان الزواية فإن الوقوف على الضفاف وليس الأطلال يتيح فرصة للتأمل والتفكر، ويتيح مساحة واسعة للرؤية، يمكن تشكيلها أو تلوينها بكل ألوان الحياة الممتدة بين الأبيض والأسود، أو بين الفرح والحزن، أو بين أزرق الماء وأزرق السماء، حيث تشكل ألوان الطيف بانوراما الحياة بكل صخبها ومعاناتها، والوقوف أيضا على مسافة من المشهد يتيح رؤيته بشكل أوضح، ويجعل امكانية وصفه أو التعبير عنه أكثر سهولة ومصداقية.
وقد جمعت الكاتبة تلك المقالات بين دفتي كتابها الصادر حديثا "الوجه الآخر لغيمة"، ولا أدري لماذا لم يتم ذلك تحت العنوان الأصل للزاوية التي شكلت مادة ذلك الكتاب؟.. ومع ذلك فإن كلا العنوانين يعكس تلك الرؤية الرومانسية أو ربما التأملية التي تميز بها أسلوب الكاتبة والذي غالبا ما يستمد مرجعياته من مرحلة ازدهار هذا النوع من الكتابة، خاصة ما كان ينشر في الصحافة الأدبية.
الوجه الآخر لغيمة، ربما يمثل الوجه الآخر ل"على ضفاف الواقع" على اعتبار أن كل مقالة بمفردها كانت تمثل قراءة لجزء من مشهد طويل ومتحول باستمرار، يمثل الواقع الذي كتبت على خلفيته أو على ضفافه تلك المقالات، وقد جاء اصدار الكتاب كمحاولة لايقاف "العدسة"، وبالتالي تقديم صورة ساكنة تمثل خلاصة هذه التجربة، التي تختزل رؤية الكاتبة، وهو ما يتيح مساحة أخرى للتأمل، تتجاوز الكاتبة الى القارئ، الذي قد لا يتفق بالضرورة مع رؤية الكاتبة، وربما يكتشف وجها آخر لغيمة غادة.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|