(فلو كانت الأرزاق تجري على النُّهى |
هلكن إذاً من جهلهنّ البهائمُ) |
بالأمس ذابت على حرّ الجوى كبدي |
واليوم سالت على كف الرّدى روحي |
فما عرفتُ لطيب العيش من بلل |
ولا شربت بكأس غير منزوح |
أرتاد كلَّ سراة في ملاعبها |
فأنثني بزناد غير مقدوح |
لي الهوان وللساعين في كمدي |
ما يلفظ اليأس من هم وتجريح |
حتى كأني لغير النّدب ما خُلقت |
روحي ولا أوهن الإفلاس تلميحي |
أسري بليل بهيم لا يلامسه |
إلا الخداع وأنفاس التباريخ |
كأنما شابت الأرزاء في كفني |
وأزورّ وجه الرضى عنّي بتشويح |
فلا أُهوِّم في واد أروم به |
نفح العبير بلا رجم وتلويح |
إلا ويسفي على ما كنتُ أنشره |
من رونق الوصل هجر غير مصفوح |
أجوب كالطير آفاقاً معطلة |
إلا من الوجي في نزف وتقريح |
فأنثني ورياح البين تعصف بي |
في خاطرٍ لم يعُد من غير تصويح |
كأنني في زمام الويل مغترب |
يطوي المدى تحت أنياب مقاريح |
أشلاؤه في فم التّنّين ذائبة |
وقلبه بين تحنيطٍ وتشريح |
والنادبون كما تهوى مشاعرهم |
قد حمَّروا الحزن في دمع التماسيح |
يبكون زيفاً على جثمان طائرهم |
ويعصفون به في منكب الرّيح |
تفترُّ عن باطل الأسرار غرَّتهم |
في موجة من سبابٍ غير مبحوح |
فيعصرون فؤاداً لم يبن صيداً |
عنهم كما استنبطت شعث التصاريح |
ويغمسون على كيدٍ حشاشته |
بساجرٍ من لهيب الطعن مفضوح |
حتى إذا ما استباح اليأس هِمَّته |
في مسربٍ من زعاف القيء مسفوح |
شابتْ على كفه الآمال غاربة |
نحو المغيب بلا عطف وتسبيح |
فما استقرَّت له في دورة سمةٌ |
حتى انتهى علَّة من غير تصحيح |