مجلة الجزيرة الثقافية.. ومحرقة التكرار والمراوحة في المكان والإخوانيات د: احمد جاسر الحسين
|
قلة الذين فرحوا كما فرحت أول صدور (الجزيرة الثقافية)، وقد عبرت عن فرحتي تلك كتابة ومشافهة لأسباب متنوعة ذكرتها في حينها.
أزعم أن (الجزيرة الثقافية) صارت بحاجة إلى مساءلة تجربتها: ماذا قدمت؟ وما الاهداف التي كانت في حسبانها؟ وماذا تحقق؟
ولعلنا معنيون بالتساؤل عن الأسماء التي كرستها والأسماء التي أخذت بيدها والأسماء التي أعادت نبشها.
هل يمكن أن نمد بوابة الأسئلة لنقول: ماذا قدم الملحق للأسماء الأدبية في المملكة؟
لنكون صرحاء: ذكرنا بأسماء، ولم يكرس الأسماء، وبذلك هو معني بالتساؤل عن دوره على هذا الصعيد، لن نتبارى في تأكيد أن الملحق (المجلة) ليس هدفه الأسماء بل الحالة الثقافية ولكن مَنْ قال إن مناقشة الحالة الثقافية لا تصنع أسماء؟
لابد هاهنا من الاشارة إلى معضلة راح الملحق يدور في فلكها ألا وهي (الإخوانيات) وقد أصبح ذلك يتجلى من خلال تناول التجارب الإبداعية والنقدية سواء عبر الأخبار أو قراءة الكتب أو (ملفات الأخوانيات).
الملف الذي يكرس لمبدع ما، حول مبدع، حول قضية ثقافية يهدف إلى تسليط الضوء، وإبراز ما للظاهرة (المبدع) من دور.. كيف يكون ذلك؟
عبر تكليف مختصين يتناولون موضوع الملف الذي يجب أن يعد له مسبقاً، لسنا بحاجة إلى ركام (إنشائي) وشهادات محكوم عليها بعدم القراءة مسبقاً،وخاصة ان (الثقافية) اسبوعية وليست يومية، وأنا هنا سأتهرب من تذكر ملف (محمد العلي) ومن غير المعقول، ومن المجحف للجزيرة الثقافية ولمحمد العلي وللحركة الثقافية في المملكة أن نستكتب كاتباً يقول إنه لم يقرأ لمحمد العلي لولا هذا الملف.
(فهد العريفي) المظلوم الآخر في الملف عومل كأنه رجل (جمعيات خيرية) في الملف، ولم نعرف شيئاً عن أسلوبه، وسماته وشواغله الفكرية... وهكذا دواليك (آسف للتعميم لكن ضيق المساحة).
(جسر التنهدات) الذي مر عليه كثيرون ما عليه من الملاحيظ ، لاشك أننا أمام كاتب صاحب تجربة طويلة، من حقه أن يكتب مذكراته وذكرياته وإخوانياته عبر أسلوب ارتضاه لنفسه.
ولكن هل جزيرتنا الثقافية مكانه؟ لا أدري.
هل الحجم الذي يأخذه من الملحق ملائم؟ لا أدري.
وما زاد الطين بلة أنه جاء انسجاماً مع نهج (الإخوانيات الثقافي) ألم تكن زاوية (عمود) تكفي؟ لا أدري.
هل سأدخل في دوافع المتلقي لمتابعة الجزيرة الثقافية؟
ما الذي يميز الجزيرة الثقافية الاسبوعية عن سواها؟
أليس جديراً بالمواد التي تنشر فيها أن تكون ملائمة للاسبوعية؟
اسمحوا لي أن أنتقل إلى قضية (المتربع على عرش الصفحات) سبق لي ان عملت في غير ملحق ثقافي، مقرراً ومشاركاً، لعله من المريح أن نضع في كل صفحة كاتباً يزودنا بمقالته قبل شهر وننتهي وهكذا الأمر مع سعد البواردي والنجفي، و(الفنية) بصفحتيها والكتب وهكذا...
كاد الملحق أن يصبح ثابتاً، بحيث يمكننا أن (نحزر) ما فيه دون أن نفتحه، لكن لن نغمض أعيننا عن إيجابيات الملحق، حقاً.
(تكوين) زاوية في مكانها، لماذا؟
لأنها تشيد وتنبه للإيجابي دون إسفاف، بطريقة ذكية، تكرم بمحبة وصمت، وحين أرادت الدخول في دائرة لفت الأنظار إلى بعض (المكرسات السلبية) في الواقع الثقافي أجادت، ونجحت في ذلك لأنها لم تكن تريد أن تحقق أبعد من أهدافها، وأكبر من حجمها، أما (المواجهات المفتعلة) التي نجدها على صفحة الأخبار الثقافية فموجعة ومؤلمة، و(السلق) و(عدم النضج) يبدوان على كثير منها، وكادت أن تدخل زوايا وأخبار كثيرة في (الإثارة الصحفية) التي لا تستند على وقائع وهو ما يفقدها المصداقية، وكادت أحادية الأسلوب ومحرقة تكرار المألوف أن تميت كثيرا من ميزاتها ، وهاهنا يلفت النظر غياب حراك ثقافي منتج لهذه الزوايا يجعلها متجددة ومتميزة في كل عدد، إضافة إلى غياب التفرغ (كما أزعم) عن المعدين وقلتهم.
ندوة (الجزيرة الثقافية) تناولت موضوعات إشكالية،غنية ومتنوعة شارك فيها نخبة متميزة من المتخصصين، لكنها غابت! وقد كنت أتمنى أن تتنامى تجربتها لتعقد خارج الجزيرة في الجامعات والمعاهد، في الأندية، والمؤسسات الثقافية. وأن نسمع فيها آراء للجمهور الذي يحضر.
الصفحات الفنية، المسرحية بدأت بطريقة وآلت إلى طريقة، لماذا؟ أهو التكرار؟ أهو فقدان الفاعلية؟ هل يمكن أن نعيد ذلك إلى دخول معدي صفحات (الجزيرة الثقافية) في دائرة (الواجب الذي لابد من انجازه كل اسبوع) لماذا كانت البدايات قوية، اشكالية، مثيرة؟ ولماذا آلت إلى طرح العادي وغير المتميز؟ إضافة إلى دخول كثيرة منها في دائرة المألوف
وكذا الوراقون وعالم الكتب ...
(اللجنة) والنقد الذي يمكن أن يوجه إلى مواد الاسبوع المنصرم محير فاللجنة، والفرد، وقلوبنا معلولة من (اللجان) على الصعد الشخصية والثقافية (اسألوا لجنة وزارة الثقافة والاعلام
لماذا اللجنة، وشخص هو الذي يكتبها؟
ما المخجل في النقد؟
ولماذا لا نثبت الاسم؟
وهل يمكن أن نعد ذلك نوعاً من الإثارة (غير المستحسنة)؟
أكاد أؤكد و(أحزر) أسماء من كتبوها (الشمري، السمطي) ولماذا هذا العمل (الكواليسي)؟
صفحة القراء، المناقشات والتعليقات ترجمت من عدد لآخر، فهي تجري وفق خط بياني غير متواز، ولا أظن أن مايبعثه بعض القراء جدير بالنشر. كانت المناقشات التي أثيرت حول (موسوعة الأدب العربي السعودي) من أبرز القضايا التي تمكنت (الجزيرة الثقافية) من إثارتها ولفت الأنظار إليها وما إن اشتعل أدار المعركة حتى أطفأتها و(لفلفت الموضوع) والحق أنه كان يستحق المزيد من المناقشة وربطه بالنسق الاجتماعي والفكري، وهاهنا كان يجب أن تأخذ التحقيقات حقها لتصبح (الثقافية) جزءاً فاعلاً وليس مساحة للنشر والمصالحة، وهاهنا تلفت الأنظار فكرة غياب التحقيقات (الاستثنائية) عن (الثقافية) التي يمكن أن تتناول قضايا كثيرة لا ينفع معها غير صحافة التحقيق.
والمجال لا يزال مفتوحاً، فثمة قضايا ثقافية محلية كثيرة بحاجة لتحقيقات موسعة، وناقدة من مثل الأندية الأدبية (وليكن تناولها نادياً تلوالآخر انطلاقاً من نشرها وخططها الثقافية، وعدم توزيع كتبها، ونفعية أعضاء مجلس الادارة ومدى علاقتهم بالثقافة اضافة إلى أبديتهم ولا ننسى حالة القراءة وتهميش الثقافات، وعدم وجود هيئة كتاب، وغير ذلك مما طرح على شكل (زوايا) أو (مقالات) نلامس القضية بخفر شديد وكأنها خجلة مما تتحدث عنه.
وهاهنا إدارة (الثقافية) معنية بالتساؤل عن دور الثقافية هل هي ردة فعل فاعل في الحراك الثقافي؟ محرك للجامد؟ مكرم؟ للاعلام؟!
بالتأكيد لا يغيب عن بال المشرفين كثير من ذلك ولكن نحن جميعاً معنيون بالبحث عن مخارج بدلاً من المراوحة في المآزق
إطلالة المجلة الملحق العربية ضعيفة، وتحتاج إلى تفعيل لايخرجه عن دوره الذي يسعى إليه على صعيد حركة الواقع الثقافي السعودي.
العلاقة بين الثقافية وكتابها بحاجة إلى تأطير، وتنظيم على الصعد المعرفية والمادية، ماالمانع لو كلفت الثقافية كتاباً للحديث حول قضايا تريد مناقشتها أو التنبيه إليها؟
ماذا صنعت الثقافية على صعيد خدمة الابداع المحلي بطريقة منظمة؟
ثمة ترجح في العلاقة يحتاج لوضع صمام أمان يكفل للطرفين شيئاً من المرونة والالتزام ليضمن أعداداً على سوية متقاربة.
إذ كما هو معروف ثمة خط بياني لأي إصدار يرتفع وينخفض ما بين عدد وآخر شرط ألا يكون الفرق كبيراً وهو ما نتمنى أن نراه في (الثقافية).
إخراج (الثقافية) فيه الكثير من التميز ولكنه يحتاج إلى نقاش في بعض النقاط إذ بدت بعض الأعداد (مزدحمة) في الألوان والأشكال والزوايا مما أدى إلى شعور المتلقي بالتداخل والازدحام والاكتظاظ مما يعطي انطباعاً غير مايريده القائمون.
نقطة أخيرة ملفتة في (الثقافية) شفافية المشرفين، التي تبرى من خلال ما يكتبون، صراحة وتقبلاً للنقد، وإيماناً بأن من يعمل يجب أن يخطئ ، ووحده الذي لا يعمل لا يخطئ.
والسؤال: ما دمنا ندرك ذلك ونراه ، لماذا كتبنا ما كتبناه في السطور السابقة؟
والاجابة: لأننا نحب (الثقافية) والقائمين عليها، ولأننا نريد لها أن تكون في أفضل حالة وفي أجود مما تسعى إليه وأن يكون مستقبلها خيراً من حاضرها وماضيها.
والله من وراء القصد.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|