عبد العزيز الهدلق
مشاركة المنتخب في كأس العرب كشفت بوضوح أين يقف منتخبنا على خارطة المتأهلات الآسيوية والعربية، وما هو مستواه الحقيقي. وكشفت أن المركز (60) في تصنيف الفيفا هو التصنيف العادل.
لم يستطع منتخبنا المتأهل لكأس العالم أن يتجاوز منتخب الأردن الذي لعب بنقص ما لا يقل عن خمسة من أعمدته الأساسية!! وخسر من منتخب المغرب (B) وليس الأول!.
منتخبنا يحتاج وقفة صادقة وفارقة من المسؤولين عنه. سواء في اتحاد الكرة أو وزارة الرياضة الداعمة للاتحاد بلا حدود. فبعد المشاركة في البطولة العربية والمستويات والنتائج التي ظهرت لم يعد هناك متسعاً لأن يبقى الوضع على ما هو عليه بدون تغيير جذري وبدون تطوير.
فمعاناة المنتخب لا يكون حلها بتغيير مدرب! بل بإعادة النظر في كيان المنتخب كاملاً، وفي هياكله وأجهزته، والكوادر البشرية العاملة فيه سواء إدارية أم فنية، والأهم من ذلك وضع إستراتيجية واضحة ذات مستهدفات دقيقة مرتبطة ببرنامج زمني. ويقوم على تنفيذ هذه الإستراتيجية كفاءات إدارية وفنية متخصصة سواء وطنية أو أجنبية. فلا حرج أن يكون على رأس الكادر الإداري للمنتخب خبير أجنبي، فالأندية الآن يقودها مدير رياضي أجنبي، وكثير من المشاريع الطموحة في البلد يقودها خبراء أجانب. لأن تنفيذ الإستراتيجية غير قابل للوقوع في أخطاء، أو تنفذ بطريقة التجربة والخطأ! حيث نجد منتخبنا بعد سنوات من العمل والانفاق يعود لنفس النقطة التي انطلق منها، أو خلفها. مثلما هو حاصل اليوم. فأين منتخبنا اليوم من ذلك المنتخب الذي هزم الأرجنتين في مونديال قطر 2022!؟
فتراجع مستوى منتخبنا إلى درجة عدم قدرته على تجاوز منتخب الأردن (B)، وكذلك منتخب المغرب (B)! يوجب أن يوقظ المسؤولين في اتحاد الكرة، ويجعلهم في حالة صدمة تنقلهم إلى مرحلة رفض البقاء على الوضع الراهن، وعدم قبول استمراره يوماً واحداً، وعلو إعادة التفكير في شأن المنتخب من قاعدته إلى قمته لأنه يقف على أرض هشة.
فكر صرف على المنتخب منذ ختام مونديال قطر 2022 إلى اليوم، من معسكرات وتعاقدات وأجهزة فنية، وإدارية وسفريات وغيرها!!؟ مئات الملايين ولا شك، لتأتي المحصلة تحت الصفر!
إن المنتخب الوطني اليوم يجب أن تدار شؤونه بعقلية وتقهقر مختلف تماماً عن السابق. ولا يجب أن يخضع لإدارة نفس الكوادر التي أدارته خلال السنوات الأربع الماضية. فقد ثبت فشلها وعجزها عن صناعة منتخب ناجح. وعن استثمار الدعم المالي السخي واللامحدود من الدولة أعزها الله. ومن اللجنة الأولمبية ووزارة الرياضة التي نعلم أنها تقف بكل قوتها الإدارية والمالية وتاريخها الراسخ مع اتحاد الكرة، وبلا حدود.
إن منتخبنا الوطني يجب أن يكون مشروعا يدار كبقية المشاريع في الدولة بكفاءات عالمية، وأن يشكل جهاز إداري مستقل بميزانية مستقلة يكون مرجعه رئيس مجلس إدارة الاتحاد، ويعين له رئيس تنفيذي، ومدير رياضي، يكون مسؤولاً عن اختيار المدرب ووضع الخطة الإستراتيجية والتنفيذية للمنتخب الأول والفئات السنية، ويشرف على تنفيذها بعد اعتمادها، ويكون مسؤولاً عن الفئات السنية بكامل كوادرها الإدارية والفنية، وبخططها الإستراتيجية وتنفيذها. ويجب أن ترتبط كل الخطط بإطار زمني محدد. للتأكد من سلامة المسار.
إن الوضع الحالي للمنتخب يسير بالبركة وبأسلوب تقليدي قديم عفا عليه الزمن. والنتائج خير دليل.
ولا يمكن الاستناد إلى نتائج ومنجزات المنتخبات السنية كدليل على نجاح العمل. فمنتخباتنا السنية تحقق الإنجازات الإقليمية والقارية وحتى العالمية منذ أكثر من أربعين عاماً، ولن ننسى أن منتخبنا للناشئين قد فاز ببطولة كأس العالم (89) قبل أكثر من (37) عاماً!! والسبب في ذلك موهبة اللاعب السعودي منذ الصغر وتفوقه على أقرانه إقليمياً وقارياً، ولكن عندما يصعد هذا اللاعب لفئات أعلى حتى يصل للمنتخب الأول يجد نفسه تائهاً بسبب أساليب التطوير والتدريب التي تفتقد للكفاءة، وكم رأينا من مواهب خسرتها الكرة السعودية وهي منتصف الطريق لغياب الرؤية السليمة والصحيحة إدارياً وفنياً سواء في الأندية أو المنتخبات والأمثلة كثيرة وصعب إحصائها.
لقد تبقى أقل من ستة أشهر على انطلاق كأس العالم بأمريكا 2026، فما هي خطة الاتحاد السعودي لكرة القدم لهذه المشاركة!؟ فهل هناك هناك هدف محدد؟ أم ستكون مشاركة والهدف حسب التساهيل!! والعام القادم 2026 ستنظم المملكة دورة الخليج العربي فهل سيكون تحقيق كأس الدورة هدفاً واضحاً للمنتخب السعودي؟ أم حسب التساهيل! والعام الذي يليه 2027 ستنظم المملكة كأس آسيا فهل سيكون تحقيق الكأس هدفاً؟ أم حسب التساهيل!!
يجب وضع خطة ذات أهداف مرتبطة بإطار زمني حتى إذا وصلنا للزمن المحدد نعرف إن كنا قد حققنا الهدف أم لا! وإذا لم نحققه فما هي الأخطاء؟ ومن المسؤول؟ وماهي الاحتياجات التي تضمن نجاح الخطة التالية؟ وإذا تكرر الاخفاق فلا بد مما ليس منه بد وهو تغيير القائمين على العمل بمختلف مستوياتهم. ولا يمكن أن يحمل صغار العاملين مسؤولية الاخفاق، لأن من هو أعلى منهم في المسؤولية عليه واجب المتابعة والرقابة والتقييم. وإذا لم يقم بهذه الواجبات فهو أولى بالتغيير.
الخلاصة أن منتخبنا بوضعه الحالي (مستوى ونتائج) لا يتسق ولا ينسجم ولا يواكب مشروع التطوير الرياضي الذي تعيشه المملكة.
زوايا
* مع الايمان بضعف جودة كثير من اللاعبين السعوديين المختارين للمنتخب الأول في كأس العرب إلا أن ذلك لا يبرئ المدرب رينارد من مسؤولية الاخفاق. فبالعودة إلى الأهداف التي ولجت مرمى المنتخب يلاحظ المتابع العادي كمية العشوائية في تنظيم المدافعين ووقوفهم الفوضوي داخل منطقة الجزاء، فلا يعرف كل مدافع أين موقعه ولا ما هو دوره! لذلك وجد مهاجمو المغرب وبعده الأردن سهولة تامة في الوصول إلى مرمى العقيدي. وواضح أن المدرب لا يكلف نفسه (أو أحد مساعديه) بمراجعة المباريات التي لعبها المنتخب ويدون الأخطاء والسلبيات التي وقع فيها اللاعبون ليناقشهم فيها ويوجههم التوجيه السليم! وواضح أن المدرب يتوقع أو ينتظر على أحر من الجمر إقالته في أي لحظة لذلك يعمل بأقل جهد.
* في تقديري أن إقالة هيرفي رينارد حالياً هو بداية الحل لتطوير المنتخب السعودي، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل المشاركة في كأس العالم. فإذا لم تقيم مشاركة المنتخب المخيبة للآمال في كأس العرب وخسارته من منتخبات عربية فئة (B) إخفاقاً ذريعاً للمدرب!؟ فما هو مقياس النجاح إذن!؟
* محاولة اتحاد الكرة صنع النجاح للمنتخب بنفس طريقة وأدوات وأساليب الماضي هو إضاعة للوقت وتكرار للإخفاق والفشل. تطوير المنتخب بحاجة إلى حلول ومبادرات مبتكرة مواكبة لما يحدث لدى اتحادات منتخبات العالم المتطورة.
* تصريحات هيرفي رينارد في المؤتمرات الصحفية قبل المباريات وبعدها، وطريقة تعامله مع المنتخب في كأس العرب كانت رسائل لاتحاد الكرة برغبته في الرحيل! ويجب أن يسارع الاتحاد في التخلص من هذا المدرب الذي ليس لديه استعداد ولا رغبه لتقديم أكثر مما قدمه! فماذا نريد من مدرب يقول إن اللاعبين الأجانب في الأندية سببوا مشاكل لمدرب المنتخب!؟ إذا كان هذا هو واقعنا فعلاً فماذا لديه من حلول!؟ وهو عندما قبل العودة لتدريب المنتخب كان يعرف هذا الواقع تماماً، فلماذا الآن يتحدث بهذا المنطق!؟
* حضور المنتخب السعودي الأول في المحافل الدولية بات محبطاً، ومسيئاً للكرة السعودية ومشوهاً لتاريخها، ومسيئاً لمشروعنا الرياضي الطموح. فهم لا ينتمي له ولا يمت له بصلة.
* إذا كان اتحاد الكرة عاجز عن إنقاذ المنتخب وتطويره والارتقاء به، أتمنى أن يجد مساندة من الجهات العليا بمد يد العون للاتحاد ومساعدته في كيفية تطوير المنتخب.
* لن يطور اتحادنا ولا منتخبنا إلا خبراء أجانب متخصصين، بشرط ألا يكونوا على شاكلة نافارو، وفرهاد.