رمضان جريدي العنزي
قال الشاعر:
وأعز ما يبقى ودادُ دائمُ
إن المناصب لا تدوم طويلا
وقال آخر:
عاشر بمعروف فإنك راحلُ
واترك قلوب الناس حولك صافيه
لا منصب يبقى ولا رتب هنا
أحسن فذكرك بالمحاسن كافه
يجب على صاحب المنصب أن يخدم الوطن والمواطنين قبل خدمة الذات والمصلحة الشخصية واكتناز الفوائد والمكاسب، إن المنصب ليس امتيازاً شخصياً ولا فرصة للظهور والبروز والاستعلاء والتكبر، لا بشتاً ولا هنداماً ولا توقيعاً ولا ختماً ولا لقباً يسبق الاسم، بل هو تكليف ومسؤولية ثقيلة، من يضع مصلحته الشخصية والفئوية فوق مصلحة الوطن والمواطنين، ليس جديراً بالمنصب، إن المنصب وديعة مؤقته وأمانة وتقوى وخدمة، ومن يخن الأمانة ولا يخدم الوطن بتفان وإخلاص ووفاء وولاء مطلق، يمجه الناس مجاً، ويلفظونه لفظاً، ولا يبقى له ذكر طيب، ولا أثر حسن، إن كل واحد منا مدين لهذا الوطن العريق، لهذا يستحق منا النشاط الدائم، والعمل الدؤوب، والتضحية التامة، واليقظة الدائمة، وليس الجلوس الممل على الكراسي الدوارة المريحة، والنوم الطويل على السرر الوثيرة، واللغو والتنظير والثرثرة المجردة، إن الفضيلة، والأخلاق، والكفاءة الإنسانية النبيلة، كلها تبقى مع الإنسان وترفعه، أما المنصب فهو زائل، قد تأتي به الظروف، وتأخذه الظروف، لكن المناقب والخصال الحميدة، هي رأس مال الإنسان الحقيقي، تبقى معه في الدنيا والآخرة، وهي التي تجعل الناس يحترمونه حتى بعد أن يترك الكرسي والمنصب، المنصب أداة، والمنقبة غاية، فإذا ضاعت المنقبة، صار المنصب وبالاَ على صاحبه وعلى الناس، حقيقة جلية، المناقب تحفظ حتى وإن ضاعت المناصب.