د. زايد الحارثي
في يوم الثلاثاء الموافق الحادي عشر من شهر جمادى الآخرة لعام ألف وأربعمائة وسبعة وأربعين من الهجرة النبوية.. الموافق الثاني من شهر ديسمبر لعام ألفين وخمسة وعشرين ميلادية توفي معالي الدكتور محمد العقلاء - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- فقد كان مديراً للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقبلها كان وكيلا لجامعة أم القري للدراسات العليا والبحث العلمي، وقبلها كان عميداً لكلية الشريع والدراسات الإسلامية، وقبلها كان رئيساً لقسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة القري، وغيرها من المناصب واللجان علي مستوي الجامعة والوطن، وكان رجل دولة وإنسانية من الطراز الأول، اتسم بخصال وأعمال نادرة ومشرفة تجاوزت محيطة ومحيط من يمت له بصلة، لم يبخل بجاهه ولا بمكانته في خدمة الناس والمحتاجين، عرفهم أم لم يعرفهم، فهو من الذين اختصهم الله، كما اعلم، بقضاء حوائج الناس في كل مراحل حياته، ولا غرابة في ذلك؛ فهو وليد أسرة معروفة بالعلم والأخلاق والإخلاص والعطاء حيث كان والده الشيخ علي العقلاء - رحمه الله- معروفاً بالعلم والحكمة والفضيلة وحسن التربية والتعليم، ربَّى أولاده ونشأهم أفضل تنشئة نموذجية دينية ووطنية واحتماعية؛ فالشيخ فراج رجل الدولة المعروف - رحمه الله- بالخصال الحميدة والأفعال المجيدة يشهد له بها كل من عرفه من ولاة الأمر إلى أبسط رجل عادي، وكذلك الدكتور عبدالعزيز - رحمه الله- ثم الأستاذ عبدالرحمن - أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، ثم أخيراً معالي الدكتور صالح رئيس الجامعة الإسلامية حاليا.
وتلك إلماحة علي البيئة الأسرية التي عاش وتربي وتعلم في كنفها معالي الصديق الحبيب أبو طارق - رحمه الله - والذي تشرف بمعرفته كل من تعامل معه.
ولعل ما تركه من آثار وأعمال في جامعة أم القري أو الجامعة الإسلامية، وأينما حل أبو طارق - رحمه الله- وأسند له منصب أو عمل أو لجنة أو استشارة أبدع وأخلص وتفانى وبذل فكسب محبة كل من عمل معه وتعامل، فأينما حل نفع، فو الله إن ما تمتع به فقيدنا - رحمه الله- من صفات وأعمال يغبطه عليها الكثيرون فهنيئا له بما حباه الله من مزايا، ومن أهمها الصبر على البلاء والشدة والبذل والعطاء وكسب محبة الآخرين وما أكثرهم والولاء والوفاء لوطنه وولاة أمره وروح الفكاهة وتفريج هموم الآخرين، فضلا عن التربية الحسنة النموذجية لأبنائه وبناته، وكل من تولي أمرهم فطارق وعقيل وعبدالله، والبنات نماذج وصور من تربية محمد العقلاء..
وقبل الختام، أتوجه إلى الله السميع العليم أن يرحم الحببب والصديق والعالم معالي الدكتور محمد بن علي العقلاء، وعزائي لنفسي ولأبنائه البررة وأخي وحبيبي وصديقي الأستاذ عبدالرحمن ومعالي الدكتور صالح والأسرة كافة ومحبي وأصدقاء أبو طارق، فهذه مشاعر عاجلة غيض من فيض أردت أن أعبر بها عن جزء مما أكنه وأحمله وأعرفه عن أبي طارق. رحمه الله. فحقه علي وعلى كل من أحبه وتعامل معه يقتضي أن أفرد له بعضا مما يستحق قريباً بإذن الله و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.