د. أحمد محمد القزعل
مع اقتراب الذكرى الأولى لانتصار الثورة السورية يقف السوريون أمام محطات الذاكرة؛ ليتذكروا من وقف معهم في أشد اللحظات قسوة، ومن آمن بعدالة ثورتهم يوم كان العالم يغضّ الطرف عن معاناتهم، وفي مقدمة هذه المواقف النبيلة يبرز موقف المملكة العربية السعودية التي رافقت الشعب السوري منذ اللحظة الأولى لانطلاقة ثورته مقدمة دعماً لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان عملاً إنسانياً أصيلاً ينسجم مع مبادئها العربية والإسلامية.
فمنذ اندلاع الثورة اتخذت المملكة موقفاً ثابتاً في مساندة السوريين، فدعمت قضيتهم في المحافل الدولية، وسعت إلى ايصال صوتهم في كل منبر، مؤكدة أن معاناة الشعوب لا يمكن أن تكون ورقه للمساومة، وأن حق السوريين في الحرية والكرامة حق لا يسقط مهما طال الزمن، وعلى امتداد أكثر من أربعة عشر عاماً، ترجمت المملكة هذا الموقف بأفعال ملموسة عبر حملات الإغاثة والمساعدات الطبية والغذائية، وبإنشاء المخيمات التي آوت آلاف الأسر الهاربة من نار الحرب، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم للأطفال الذين حرمهم النزاع من حقهم الطبيعي في المدرسة والدواء والأمان.
كما كان للمملكة دور فاعل في حشد الجهود الإقليمية والدولية لضمان استمرار الدعم الإنساني، وشاركت بفاعلية في مؤتمرات المانحين إيماناً منها بأن مسؤولية نصرة المظلوم واجب لا يخضع للحسابات السياسية، ولم يقتصر دعم المملكة على السنوات الصعبة التي سبقت النصر، بل استمر بعدها بنفس الروح، فكانت من أوائل الدول التي باركت للشعب السوري انتصاره، وواصلت إرسال المساعدات والجسور الإغاثية مساهمة في تخفيف آثار الحرب ومساندة السوريين في بداية مرحلة البناء والاستقرار.
وفي ذكرى هذا الانتصار يثمن الشعب السوري موقف المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً، ويقدر مواقفها الثابتة التي لم تتغير ودعمها الذي لم ينقطع، لقد أثبتت المملكة أن العمل الإنساني لا يحتاج إلى ضجيج، بل إلى صدق وأصالة ومبادئ راسخة.
ويبقى الدعاء الصادق أن يحفظ الله المملكة وقيادتها وشعبها، وأن يظل هذا البلد العظيم واحة خير وأمن، وأن تستمر روابط الأخوة بين الشعبين السوري والسعودي كما كانت دائماً، روابط محبة ومساندة ووفاء لا يغيرها زمن ولا تبدلها ظروف.