محمد العويفير
تشهد بعض جماهير الهلال موجة من الانتقادات تجاه الفريق تحت قيادة المدرب سيموني إنزاغي، ورغم أن الهلال يواصل حصد النتائج الإيجابية إلا أن التساؤلات تتكرر حول مستوى الأداء وما إذا كان المدرب يتحمّل مسؤولية هذا التذبذب أم أن هناك عوامل أخرى تجعل الصورة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه.
ورغم النتائج الجيدة يبقى الأداء في بعض الفترات غير ممتع وغير مقنع للبعض، لكن هذا التراجع لا يرتبط بالمدرب وحده بل بعدة أسباب، فواحدة من أبرز التحديات أن إنزاغي جاء إلى الكرة السعودية دون خبرة مسبقة بخصوصية منافساتها، فالدوري السعودي يملك طابعًا فنيًا خاصًا، أهم ملامحه أن معظم الخصوم وربما أكثر من 90 % منهم يلعبون أمام الهلال بشكل متحفظ ودفاعي صارم، ما يقلص المساحات ويجبر الفريق على صناعة اللعب تحت ضغط وتكتل.
في المقابل نقطة القوة الأساسية لدى إنزاغي في مسيرته كانت تعتمد على استدراج الخصوم للتقدم ثم ضربهم بالارتداد السريع، وهي فكرة بُنيت عليها حتى التعاقدات الأجنبية التي استقدمها، ولكن هذا الأسلوب لا يجد بيئته الطبيعية في الدوري ما لم تمنحه الفرق تلك المساحات، وهذا ما جعله يحتاج وقتًا كي يستوعب تفاصيل المباريات وطبيعة الخصوم، وهو أمر طبيعي لأي مدرب جديد على المنافسة.
العامل الآخر يرتبط بجودة العناصر الموجودة وتحديدًا العناصر المحلية التي لم تمنح إنزاغي القدرة على تنويع الأفكار أو تغيير الأشكال التكتيكية أو خلق حلول بديلة داخل المباريات، هذا النقص في جودة بعض المراكز جعل الهلال ينتصر، ولكن دون أن يظهر دائمًا بمستوى مقنع، لأن الأدوات المتاحة ببساطة لا تساعد المدرب على تقديم نسخة أكثر تنوعًا وهجومية.
ورغم كل ذلك يُحسب لإنزاغي أنه مدرب مرن وغير متعصب لأفكاره، وقد ظهر هذا بوضوح حين تخلى عن الرسم الفني الذي كان يفضله سابقًا، وتكيّف مع العناصر المتوفرة بدل الإصرار على نهج واحد، وهو ما يعكس واقعيته وقدرته على قراءة الواقع الفني للفريق. ومع ذلك فإن تحسين الصورة الفنية للهلال يتطلب عدة أمور، أولها: منح المدرب وقتًا كافيًا ليعرف تفاصيل الكرة السعودية أكثر، ويكتسب خبرة أكبر في قراءة خصومه وطريقة لعبهم أمام الهلال، أما الأمر الأهم فهو ضرورة تدعيم الفريق بعناصر عالية الجودة خلال فترة أو فترتي انتقالات على الأقل، خاصة بعد أن تأثر الهلال في السنوات الماضية بتفريغ بعض نجومه وفقدان بعض عناصره المؤثرة، وهو ما جعل الفريق بحاجة واضحة إلى إعادة بناء عمقه وجودته.
في النهاية، لا يمكن تحميل إنزاغي مسؤولية كل شيء، فالمدرب يحقق نتائج ويتعامل بمرونة، ويعمل داخل ظروف لم تكن مثالية منذ البداية، لذا فإن تقييم المرحلة يجب أن يكون واقعيًا، وأن تُوضع كل العوامل في مكانها قبل إصدار أي حكم نهائي، فالمشروع لا يزال في بدايته، وما زال قابلاً للتحسن إذا توفر الوقت والدعم والعناصر المناسبة.
رسالتي:
الهلال اليوم أمام حقيقة لا يمكن إنكارها، لن يتغيّر شيء ما لم يتصالح مع واقعه، فالإصلاح يبدأ من لحظة الاعتراف، وأيادٍ تسعى للتغيير.
** **
- محلل فني