د.شريف بن محمد الأتربي
تلقى سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- دعوة رسمية من فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية لزيارتها والتباحث في شؤون التعاون الاستراتيجي بين الدولتين، وبناء على موافقة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- توجه سمو ولي العهد إلى واشطن العاصمة مصطحبا معه الوفد الرسمي للمملكة، والذي يمثل كافة قطاعات التعاون الثنائي بين البلدين.
سافر الأمير بحفظ الله ورعايته إلى أمريكيا وهو يحمل على عاتقه كافة هموم ومشكلات العالم العربي والعالم كله، لم يفكر في مملكته فقط، فأميرنا - حفظه الله- ومنذ وضعه الله سبحانه وتعالى في مكانته هذه وهو حريص كل الحرص على أن يعم السلام في العالم كله وخاصة العالم العربي الذي يشهد بين الحين والحين صراعات متعددة إما بين الدول وبعضها البعض، أو الصراعات الداخلية في الدول نفسها، وكما كان له أياد بيضاء على حل مشكلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والصراع الداخلي في سوريا، كان له السبق في تبني الولايات المتحدة الأمريكية نهجا جديدا في مشكلة السودان، حيث وعد الرئيس الأمريكي بحلها كما سبق وحل غيرها.
لم يكن التعاون العلمي والاقتصادي والعسكري بعيدا عن هذه الزيارة، حيث تم رفع مستهدف الاستثمارات السعودية في أميركا من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار. ومن أبرز الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الزيارة صفقة المقاتلات F-35، حيث أعلن الرئيس ترامب الموافقة على بيع الطائرة الأكثر تقدماً لتكون السعودية أول دولة عربية تمتلك مثل هذا النوع من المقاتلات، إلى جانب حزمة من الأسلحة الدفاعية الضخمة تشمل الدبابات ومنظومات عسكرية متقدمة.
لم يكن الذكاء الاصطناعي بعيدا عن الاتفاقيات السعودية الأمريكية، حيث تم توقيع اتفاقية شراكة سعودية أمريكية في الذكاء الاصطناعي، إلى جانب مذكرة تفاهم تمنح المملكة إمكانية الوصول إلى أنظمة أميركية متقدمة فيه، وكذلك الموافقة على بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة للمملكة، وتقديم تسهيلات تشمل عشرات الآلاف من أشباه الموصلات لتطوير مراكز بيانات عملاقة.
ترأس الأمير حفظه الله العديد من الجلسات، وحضر العديد من اللقاءات، لعل أهم ما ميز هذه اللقاءات الذكاء الحاد والفطنة والطلاقة التي تمتع بها سمو سيدي ولي العهد -حفظه الله- حيث كان حاضرا ومستعدا لكل المواقف، ومتهيئا للرد على أي سؤال خاصة فيما يتعلق بالقضايا الشائكة مثل قضية الهجوم على مركز التجارة العالمي، وقضية المرحوم بإذن الله جمال خاشقجي، حيث حاولت إحدى المراسلات الصحفيات مباغتة الرئيس الأمريكي بسؤال عنها، فما كان منه إلا أن رد بأن الأمير محمد لا علاقة له بهذه المسألة، ولم يكتف الأمير حفظه الله بهذا الرد من الرئيس الأمريكي، بل رد عليها ردا قاطعا بأن منفذي العملية كان هدفهم الإساءة إلى العلاقات السعودية الأمريكية، أما ما يتعلق بقضية الصحفي جمال خاشقجي فقد فصل فيها القضاء السعودي وتمت معاقبة المتسببين فيها.
تميزت الرحلة بالعديد من المواقف الجميلة التي توضح ذكاء الأمير وحسه الاجتماعي العالي، وكان من أبرزها حين قال سموه في حفل عشاء بالبيت الأبيض: «قبل أن آتي إلى هنا، أخبرني أحدهم بوجود مواقع مراهنات. حيث كانوا يراهنون على ما إذا كنت سأرتدي بدلة سوداء. أريد أن أقول لهم: «أعتذر عن خسارتكم. ربما في المرة القادمة».
لقد كانت زيارة سمو سيدي ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية استمرارا لدعم العلاقات السعودية الأمريكية التي بدأت منذ عام 1933م، وهي تعد من المرتكزات الأساسية لتعزيز الأمن والاقتصاد ليس فقط في المنطقة العربية، بل وفي العالم أجمع نظرا لما يُشكله البلدان من دور محوري، يعزز الأمن والسِّلم الدوليين.
لم تكن رؤية المملكة 2030 غائبة عن اللقاءات، بل أن أغلب الاتفاقيات التي تم توقيعها تدعم برامج الرؤية، فمن خلال الاتفاقات الاقتصادية التي تم توقيعها في التقنيات الحديثة، والطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والصناعات التحويلية، يظهر اتفاقها مع تطلعات رؤية 2030 بتنويع مصادر الدخل، وتحويل المملكة إلى مركز اقتصادي مهم، في قلب الشرق الأوسط والعالم.
حفظ الله مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد في حله وترحاله.